وأنت إذا تأملت في هذه العملية وجدت أن البنك الإسلامي، لم ينفع أحدا إلا نفسه، ولم يزد شيئا في السوق، ولم يقم بأي دور في الاقتصاد العام للمجتمع، وإنما حمل الزبون دينا مع زيادة الفوائد، وهي نفس فكرة المرابي الذي يقول: أنا لا أريد أن أعمل، إنما أجلس وأعطي نقودا، وآخذ نقودا زيادة، فلا أدخل السوق ولا أوفر فرصا للعمل، وهو أسلوب سهل لكسب المال دون تعب، ولكنه يؤدي إلى تكديس الأموال بيد المرابي، وتكديس الديون على الناس.
والمرابحة بالطريقة توسعوا فيها، قد ظهرت صورتها النهائية، نفس صورة العملية الربوية، ونتائجها هي نفس نتائجها، وهي جعل المجتمع مدينا، وجعل البنك هو الدائن العام لأفراد المجتمع ولا حول ولا قوة إلا بالله.
... ثالثا:
ـــــ
الاقتصاد الإسلامي، يعتمد على القاعدة الفقهية التي تقول: إن الأصل في المعاملات الإباحة، انطلاقا من القاعدة الشرعية (أن الشريعة مبنية على التيسير ورفع الحرج) فكل ما لم يرد نصح في تحريمه فهو مباح، يقول تعالى ((ما جعل عليكم في الدين من حرج)).
... رابعا: كما أن الاقتصاد الإسلامي، لا يحرم ولا يبيح إلا درءا لمفسدة أو جلبا لمصلحة عامة أو خاصة.
ــــــــــ
@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@
ــــــــــ
@@@ثانيا: أسباب تحريم البيوع في الاقتصاد الإسلامي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــ
جمع العلماء أسباب تحريم عقود البيوع في الاقتصاد الإسلامي، فأرجعوها إلى ما يلي:
... السبب الأول:
ــــــــــ
كون المعقود عليه محرما أو نجسا، و القاعدة العامة هنا أن كل أمر حرمه الله تعالى، فقد حرم ثمنه، ومن الأمثلة على ذلك تحريم بيع الكلب والدم والأصنام ومهر البغي وحلوان الكاهن، وعن جابر رضي الله عنه: (أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن الله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام فقيل يا رسول الله أرايت شحوم الميتة فإنه يطلى بها السفن ويدهن بها الجلود ويستصبح بها الناس فقال هو حرام، ثم قال صلى الله عليه وسلم: عند ذلك قاتل الله اليهود إن الله لما حرم شحومها جملوه ثم باعوه فأكلوا ثمنه) رواه الجماعة.
وعن أبي جحيفة قال: (إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حرم ثمن الدم وثمن الكلب، وكسب البغي، ولعن الواشمة والمستوشمة وآكل الربا وموكله ولعن المصورين) متفق عليه.
و يدخل في هذا أيضا تحريم بيع (المعزة الشامية) وهي عادة انتشرت عندنا مؤخرا في الخليج، يفعلها أهل الترف والتبذير والإسراف، وهي نوع من ولع النفس بالباطل، مثل اللعب في الحمام، وقد يصل أحيانا سعر التيس إلى مليون ريال، فمثل هذا سفه وإسراف محرم، والرجل إذا كان يشتري بهيمة بمثل هذا المبلغ الكبير لمجرد التباهي والتفاخر فهو سفيه يجب الحجر عليه.
... السبب الثاني:
ــــــــــ
أن يكون العقد ذريعة للوقوع في الحرام، مثل البيع وقت صلاة الجمعة، وبيع السلاح زمن الفتنة، وبيع الخمر لمن يتخذه خمرا، ... إلى آخره.
... السبب الثالث:
ـــــــــــ
أن يكون العقد يشتمل على غرر مثل القمار والميسر.
&&& ومن الأمثلة المعاصرة عقد التأمين، ومن هذا بيع مالا يقدر البائع على تسليمه مثل بيع السمك في الماء والطير في الهواء.
&&&ويدخل في هذا بيع الملامسة، الذي ورد النهي عنه، وهو أن يتبايعان الثوب باللمس من الظاهر دون نشره ومعرفة ما فيه.
&&&وبيع المنابذة الذي ورد النهي عنه أيضا، وهو أن يقول ألق إلي ما معك وألقي إليك مع معي ويكون بيعا.
&&&وبيع المحا قلة هو بيع الطعام في سنبله.
&&&وبيع حبل الحبلة وهو أن يبيع لحم الجزور بثمن مؤجل إلى أن يلد ولد الناقة.
&&&وبيع المخاضرة، وهو أن يبيع الثمار وهي مخضرة لم تبين صلاحها بعد.
&&&وبيع المعاومة بيع الشجر أعواما كثيرة.
وقد حرمت هذه الأنواع، وورد النهي عنها كلها، لما فيها من الغرر والجهالة، فعاقبتها مجهولة، ومن أجل ذلك حرمتها الشريعة.
&&&ومن الأمثلة المعاصرة أيضا لدينا، بيع اللؤلؤ في المحار، وصورته أن يشتري الرجل كيسا كبيرا مليئا بالمحار، راجيا أن يصيب اللؤلؤ فيه، فإن لم يجد شيئا خسر ماله، وقد يجد محارة فيها لؤلؤة، قيمتها أضعاف عشرة أكياس.
¥