4– الشرط الرابع أن يكون المبيع ملكا للمشتري:
ـــــــــــــــــــــــــــ
وهنا مسألة قد عمت بها البلوى، لها علاقة بهذا الشرط، وهي أن لدينا كثير بل أكثر الناس سياراتهم، بل بيوتهم، وغيرها، قد اشتروها عن طريق المرابحة في بعض البنوك الإسلامية.
والمقصود هنا، أن بيع المرابحة، أعترض عليه بأنه قد تخلف فيه شرط ملك البائع لما يبيعه ـ وهو البنك الإسلامي ـ وأنه لا يجوز له بيع ما لا يملكه.
ومثال ذلك: لو جاءك شخص وقال أرغب بشراء سيارة صديقك، فقلت له بعتك، ناويا أنك تشتريها من صديقك ثم تبيعها عليه، وقال اشتريت، فهذا عقد باطل، لانه قد يأتي صاحب السيارة فيرفض بيعها لك، ولهذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن هذا البيع قائلا ((لاتبع ما ليس عندك)) رواه أحمد وأصحاب السنن من حديث حكيم بن حزام رضي الله عنه.
فهل بعض البنوك الإسلامية، عندما تبيع سيارات أو سلع الشركات الأخرى، هل هو يبيع ما يملك، وما ليس عنده.
ومن المعلوم أن العميل عندما يأتي إلى البنك الإسلامي ليشتري سيارة مثلا، يقول له البنك الإسلامي: أنا أبيعك، ويقصد بذلك أنا أبيعك ما تختاره من السيارات الموجودة في الشركات التي في السوق، ولكن من أين يأتي بها؟ وهل هو يبيع ما يملك؟
وقد حاول بعض الفقهاء أن يخرجوا البنك الإسلامي من هذا الإشكال بما يلي:
... أولا: أن يعد العميل البنك الإسلامي بالشراء، والبنك يعد العميل بالبيع، ويوقع الطرفان على (الوعد). ومعنى هذه الورقة الموقعة بين الطرفين بالوعد: أي: البيع لم يتم بعد، لكن وعدناك بالبيع بعدما نشتري السلعة، وأنت وعدتنا بالشراء منا.
... ثانيا: يجعل البنك هذه الورقة ملزمة؟ فأنت عندما تأتي البنك الإسلامي، وتوقع على الوعد بالشراء، فأنت ملزم بإتمام العملية، ويقولون هي ليست ببيع، حتى لا نقع في إشكال بيع مالا يملك البائع، وإنما هي وعد، والمسلم مسؤول عن وعده، ملزم بالوفاء به.
... ثالثا: بعدها يعطي البنك الإسلامي للشركة، قيمة البضاعة نقدا، ويحولها إلى المشتري بالأقساط بربح معلوم، فيضمن بذلك عدم تراجع المشتري عن الصفقة، ويضمن أيضا ربحه فيها.
وقد ألف الشيخ محمد الأشقر رسالة بين فيها بطلان هذه المعاملة، وأن إلزام العميل بالبيع عند الوعد بالشراء لا يجوز، لانه يجعل البنك كأنه قد باع مالا يملك وحرر هناك أن الوعد لا يلزم، وفصل القول فيه: هل يلزم الوعد بالشراء قضاء أم ديانة؟
ومعنى ذلك أنني إذا وعدتك، ولم اشتر، فاشتكيت للقضاء فهل يلزمني القاضي بذلك؟ ومعنى ديانة، أن القضاء إذا لم يلزمني، هل عليه إثم لو أخلفت وعدي، وعلي التوبة.
وبين أن الوعد بالشراء هنا غير ملزم، وأن الواجب أن يشتري البنك الإسلامي السلعة من الشركة ويملكها بعقد رسمي يكون بمثابة حيازتها، ثم يبيعها للعميل مقسطة ويربح فيها، وليس للبنك الإسلامي أن يلزم العميل بمجرد الوعد بإتمام الصفقة، لان ذلك في حقيقته بيع، وإن كانت صورته صورة وعد.
لكن المتحايلون أتوا بطريقة أخرى: وهي أن لا يقوم البنك الإسلامي بشراء السلعة، بعقد رسمي من الشركة التي يطلب العميل سلعة منها، ويكون العق بمثابة الحيازة، بل يكفي الإيجاب والقبول عن طريق الهاتف، ثم يوقع مع العميل عقد البيع، ويبيع السلعة بالأقساط، ثم بعد ذلك يتم البنك الإسلامي العملية مع الشركة.
ولكن هذه العلمية أيضا غير شرعية، وإنما هو تحايل، أرادوا به أن يفارقوا في الصورة فقط، بين ما تجريه شركات التسهيلات الربوية، ومعاملة البنك الإسلامي، وقد صح في الحديث أن صلى الله عليه وسلم ((نهى أن تباع السلع حيث تبتاع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم)) رواه أبو داود من حديث زيد بن ثابت.
¥