وهو الذي تمارسه البنوك الربوية، وهو القرض الذي يجر منفعة، وتقوم عليه البنوك الكبرى، والقاعدة العامة في الشريعة " كل قرض جر نفعا فهو ربا "، والقرض يجب أن لا يكون معه أي نفع بل بذل مجاني، ومحض إحسان، حتى لو كان النفع بعقد ثان مقرون بعقد القرض، فإنه ربا، ومثاله:
&&& نبيعك الأرض بالدين بشرط أن نكون نحن الذين نبنيها لك، وهذا لا يجوز لأنه جر نفعا.
&&& ومن الأمثلة المعاصرة المثيرة للجدل، بطاقة الائتمان التي فيها سحب على المكشوف بمعنى أنه لا يكون ثمة رصيد عندك، فهم يدينونك من مال البنك، إذا سحبت في حال لم يكن رصيدك فيه شيء ـ أو يكون لديك رصيد ولكن السحب لا يكون من رصيدك فورا وإنما من شركة الفيزا بالتعاون مع البنك ـ ثم إذا نزل راتبك، أو لاحقا، سحبوا منه ما أقرضوك، وأخذوا زيادة وقالوا هذه عمولة.
ثم هم فوق ذلك ينتفعون أيضا من جهة أخرى، حيث تبقى أموالك عندهم يستثمرونها فلو لم تكن أموالك عندهم لم يعطوك هذا الدين، فهم إذن إنما أعطوك مقابل نفع لهم، وهناك نوع آخر من النفع، وهو الاشتراك السنوي لهذه الفيزا، فلو فرضنا أن مائة ألف شخص، دفعوا ستين دينارا، فالمجموع هو ستة ملايين دينارا سنويا!
وهو مبلغ كبير انتفع به البنك وأعطاك بطاقة يمكن أن تستدين بها، فهل هذا كله، من باب النفع الذي يأتي به الدين، وبالتالي تكون بطاقة الائتمان التي تمكن العميل من السحب على المكشوف محرمة أم هي عمولة مقابل تسهيل الوصول إلى المال في هذا العالم المعقد، هذه مسألة نازلة اختلف فيها العلماء، وهي بحاجة إلى بحث.
... وعلى أية حال، هذا هو ربا الديون، والبنوك الربوية إنما تقوم على ربا الديون، يودع الزبائن الأموال في صورة دين ويأخذون عليه فائدة سنوية، وإذا أرادوا قرضا يعطيهم البنك ويأخذ فوائد فاحشة.
ومن الناس من يقول نحن نضع أموالنا عندهم، وبعد سنة يعطوننا زيادة على أموالنا خمسة بالمائة مثلا، فلا يوجد استغلال كما يوجد في الربا، وإنما هي الفائدة والمصلحة، فلماذا تحرمون التعامل مع البنك الربوي؟؟
** والجواب أن البنك الربوي له وجهان:
وجه قبيح شيطاني.
ـــــــــ
وآخر جميل في الصورة الظاهرة فقط
ـــــــــــــــــــ
ولكل وجه نافذة يستقبل بها العملاء، فالوجه الحسن يستقبل به من يضعون أموالهم يبتغون بذلك الفائدة، وفي النافذة الأخرى الوجه القبيح الذي يدين به المحتاجين إلى القروض.
فمن يريد سيارة فاخرة ـ مثلا ـ أو بيتا واسعا أو يختا، على سبيل المثال يعطيه البنك قرضا، ويأخذ منهم فوائد عالية تصل إلى ثمانين بالمائة! ثم يعيد يزيد الفوائد كلما تأخر السداد، ثم يعيد الجدولة إن طلب العميل ذلك، ويضاعف الفوائد أضعافا مضاعفة، ولو تخلف في الدفع ذهب إلى السجن!
بينما يعطي البنك المودعين خمسة بالمائة كل سنة فقط، فيعتقد هؤلاء أن البنك لا يصنع إلا المعروف.
وواقع الحال أن البنك الربوي إنما يأكل الربا أضعافا مضاعفة، من جهة، ويعطي النزر اليسير منه من جهة أخرى.
ثم هو أيضا يضع أموال المودعين، في بنوك ربوية عالمية ويأخذ عليها، فوائد بمقدار خمسة عشر بالمائة مثلا، ثم يعطي المودعين خمسة ويأخذ عشرة، فالبنك الربي كالشخص الجشع، الذي يمتص دماء الناس، ويكون ثروة بالديون بفائدة فقط، دون أن يسهم في توفير فرص عمل أو مشاريع.
وبتتبع التاريخ علم أن الذين أتوا بفكرة البنك الربوي، هم اليهود وهم أهل الربا، قال تعالى:" وأكلهم الربا وقد نهوا عنه "، وقال: " سماعون للكذب أكالون للسحت "، فغذاء عقولهم الكذب وغذاء قلوبهم السحت.
ويقال أن الفكرة بدأت في ألمانيا، حين فكر اليهود هناك، بأن التجار والمزارعين لديهم أموال يضعونها في البيوت، فلو جمعناها في مكان واحد عندنا (المصرف) وحفظناها لهم ونعطيهم عليها فوائد قليلة آخر السنة، واستفدنا من بقاءها لدينا بأن ندين المحتاجين بفائدة أعلى ونأخذ الفرق لنا.
¥