هناك أقوال عدة لأهل العلم:
... 1 – مذهب الظاهرية أنها الأصناف الستة فقط (الذهب، الفضة، البر، الشعير، التمر، الملح)
... 2 – قال بعض العلماء كل ما يجري فيه الكيل يضاف إلى الأصناف الأربعة البر الشعير والتمر والملح، وقال بعضهم ما يجري فيه الوزن، وقال غيرهم كل مطعوم.
... 3 – وبعضهم كالأحناف زاد فقال كل خارج من الأرض.
... 4 – ومنهم من قال مجموع الكيل أو الوزن مع كونها مطعومة، فيدخل هنا في المجموعة ب: الأرز والفول والعدس والذرة والسكر والعسل والحليب، فهي مكيلة أو موزونة مطعومة.
أما علة جريان الربا في المجموعة (أ) فهي الثمنية، فكون الذهب والفضة أثمانا للأشياء أجرى فيها الربا، ولذا قيل إن الأوراق النقدية أيضا أثمان فيجري فيها الربا، وهذا هو الصحيح، وقد اتفق عامة فقهاء العصر على أن الأوراق النقدية، تقاس على الذهب والفضة، وتجري عليها أحكامها في الزكاة والربا، وهذا هو الصحيح الذي لا يستقيم سواه.
... وأحكام ربا البيوع، مأخوذة من حديث أبي سعيد الخدري، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح مثلا بمثل سواء بسواء فمن زاد أو استزاد فقد أربى " وفي رواية " فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد "، رواه البخاري هذا مع اشتراكهم في علة الربا في نفس المجموعة والله أعلم.
**** وهنا قاعدة مهمة جدا في باب الربا وهي: أن الجهل بالتماثل بمنزلة العلم بالتفاضل.
وهذا يعني أن قوله صلى الله عليه وسلم:" ... مثلا بمثل سواء بسواء " في البيع بين أفراد الصنف الواحد، أن جهلنا بكونهما متساويين، هو كعلمنا بتفاضلهما.
ونذكر بعض الأمثلة:
&&& المثال الأول: بيع الحب المشتد في سنبله بجنسه لا يجوز.
&&&المثال الثاني: بيع الرطب باليابس من جنسه (المزابنة) لا يجوز.
ومثاله بيع التمر بالرطب، والزبيب بالعنب، فلا يجوز حتى عند التماثل، لأنهما في الحقيقة تماثل في الظاهر، ولكنها غير متماثلين، فأحدهما معه من غير جنسه عندما يكون رطبا، فإن معه الماء.
&&&المثال الثالث: بيع اللحم باللحم بعظمه لا يجوز، وقد ورد النهي عن بيع الحيوان باللحم لهذا السبب.
ذلك أن وجود العظم يؤدي إلى عدم العلم بالتماثل، وكذا الرطب باليابس، فلا يعلم تساويهما، فهو كعلمنا بتفاضلهما، وحتى لو قلنا نزيد العنب قليلا فلا سبيل لمعرفة التماثل بالضبط.
&& ولكن هنا استثناء مهم، وهو استثناء بيع التمر بالرطب فقط، حيث كان التمر هو القوت الأساسي في زمن النبوة، كما قالت عائشة رضي الله عنها: (والله يا ابن أختى! إن كنا لننظر إلى الهلال، ثم الهلال، ثم الهلال؛ ثلاثة أهلة في شهرين، وما أوقد في أبيات رسول الله نار.قلت:يا خالة! فما كان يعيشكم؟ قالت:الأسودان:التمر والماء، إلا أنه كان لرسول الله جيران من الأنصار، وكانت لهم منايح، فكانوا يرسلون إلى رسول الله من ألبانها فيسقيناه) متفق عليه، وتأملوا يا أخواني أولئك الرجال الذين كان أكثر طعامهم التمر والماء، كما ورد في الأثر: (كنت جالساً مع أبي هريرة بأرضه بالعقيق، فأتاه قوم من أهل المدينة على دواب فنزلوا، قال حميد: فقال أبو هريرة: اذهب إلى أمي وقل لها: إن ابنك يقرئك السلام ويقول: أطعمينا شيئاً، قال: فوضعت ثلاثة أقراص من شعير وشيئاً من زيت وملح في صحفة، فوضعتها على رأسي، فحملتها إليهم، فلما وضعته بين أيديهم، كبر أبو هريرة وقال: الحمد لله الذي أشبعنا من الخبز بعد أن لم يكن طعامنا إلا الأسودان؛ التمر والماء، فلم يصب القوم من الطعام شيئاً! فلما انصرفوا قال: يا ابن أخي! أحسن إلى غنمك، وامسح الرغام عنها، واطلب مراحها، وصل في ناحيتها؟ فإنها من دواب الجنة، والذي نفسي بيده ليوشك أن يأتي على الناس زمان، تكون الثلة من الغنم، أحب إلى صاحبها من دار مروان) رواه البخاري في الأدب المفرد، كيف أن أولئك الرجال الذين كان هذا طعامهم فتحوا الدنيا وملئوها نورا وعلما وهدى.
والمقصود أن الرطب أحسن من التمر، ومن الناس من لديه التمر ويريد الرطب وليس لديه نقود، فهنا حاجة ماسة للحصول على الرطب وهي حاجة عامة.
¥