تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

المعصية؛ والصبر عن المعصية أفضل من الصبر على أقدار الله؛ لأنه لا اختيار للإنسان في دفع أقدار الله؛ لكن مع ذلك قد يجد الإنسان فيه مشقة عظيمة؛ ولكننا نتكلم ليس عن صبر معين في شخص معين؛ قد يكون بعض الناس يفقد حبيبه، أو ابنه، أو زوجته، أو ما أشبه ذلك، ويكون هذا أشق عليه من كثير من الطاعات من حيث الانفعال النفسي؛ والصبر على أقدار الله ليس من المكلف فيه عمل؛ لأن ما وقع لابد أن يقع. صبرت، أم لم تصبر.:

هل إذا جزعت، وندمت، واشتد حزنك يرتفع المقدور؟!.

الجواب: لا؛ إذاً كما قال بعض السلف: إما أن تصبر صبر الكرام؛ وإما أن تسلو سُلوّ البهائم.

4. ومن فوائد الآية: الحث على الصبر بأن يحبس الإنسان نفسه، ويُحمِّلها المشقة حتى يحصل المطلوب؛ وهذا مجرب. أن الإنسان إذا صبر أدرك مناله؛ وإذا ملّ كسل، وفاته خير كثير.؛ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: "احرص على ما ينفعك، واستعن بالله، ولا تعجز" (3)؛ وكثير من الناس يرى أن بداءته بهذا العمل مفيدة له، فيبدأ، ثم لا يحصل له مقصوده بسرعة، فيعجز، ويكِلّ، ويترك؛ إذاً ضاع عليه وقته الأول، وربما يكون زمناً كثيراً؛ ولا يأمن أنه إذا عدل عن الأول، ثم شرع في ثانٍ أن يصيبه مثل ما أصابه أولاً، ويتركه؛ ثم تمضي عليه حياته بلا فائدة؛ لكن إذا صبر مع كونه يعرف أنه ليس بينه وبين مراده إلا امتداد الأيام فقط، وليس هناك موجب لقطعه؛ فليصبر: لنفرض أن إنساناً من طلبة العلم همّ أن يحفظ: "بلوغ المرام"، وشرع فيه، واستمر حتى حفظ نصفه؛ لكن لحقه الملل، فعجز، وترك: فالمدة التي مضت خسارة عليه إلا ما يبقى في ذاكرته مما حفظ فقط؛ لكن لو استمر، وأكمل حصل المقصود؛ وعلى هذا فقس.

5. ومن فوائد الآية: فضيلة الصلاة، حيث إنها مما يستعان بها على الأمور، وشؤون الحياة؛ لقوله تعالى: {والصلاة}؛ ونحن نعلم علم اليقين أن هذا خبر صدق لا مرية فيه؛ وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا حزبه أمر صلى (1)؛ ويؤيد ذلك اشتغاله لله في العريش يوم بدر بالصلاة، ومناشدة ربه بالنصر (2).

فإن قال قائل: كيف تكون الصلاة عوناً للإنسان؟

فالجواب: تكون عوناً إذا أتى بها على وجه كامل.

وهي التي يكون فيها حضور القلب، والقيام بما يجب فيها أما صلاة غالب الناس اليوم فهي صلاة جوارح لا صلاة قلب؛ ولهذا تجد الإنسان من حين أن يكبِّر ينفتح عليه أبواب واسعة عظيمة من الهواجيس التي لا فائدة منها؛ ولذلك من حين أن يسلِّم تنجلي عنه، وتذهب؛ لكن الصلاة الحقيقية التي يشعر الإنسان فيها أنه قائم بين يدي الله، وأنها روضة فيها من كل ثمرات العبادة لا بد أن يَسلوَ بها عن كل همّ؛ لأنه اتصل بالله عزّ وجلّ الذي هو محبوبه، وأحب شيء إليه؛ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم "جعلت قرة عيني في الصلاة" (3)؛ أما الإنسان الذي يصلي ليتسلى بها، لكن قلبه مشغول بغيرها فهذا لا تكون الصلاة عوناً له؛ لأنها صلاة ناقصة؛ فيفوت من آثارها بقدر ما نقص فيها، كما قال الله تعالى: {اتل ما أوحي إليك من الكتاب وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر} [العنكبوت: 45]؛ وكثير من الناس يدخل في الصلاة، ويخرج منها لا يجد أن قلبه تغير من حيث الفحشاء والمنكر. هو على ما هو عليه.؛ لا لانَ قلبه لذكر، ولا تحول إلى محبة العبادة.

6. ومن فوائد الآية: أنه إذا طالت أحزانك فعليك بالصبر، والصلاة.

7. ومنها: أن الأعمال الصالحة شاقة على غير الخاشعين. ولا سيما الصلاة ..

8. ومنها: أن تحقيق العبادة لله سبحانه وتعالى بالخشوع له مما يسهل العبادة على العبد؛ فكل من كان لله أخشع كان لله أطوع؛ لأن الخشوع خشوع القلب؛ والإخبات إلى الله تعالى، والإنابة إليه تدعو إلى طاعته.


(الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ) (البقرة:46)

الفوائد:

1. من فوائد الآية: إثبات ملاقاة الله عزّ وجلّ؛ لأن الله مدح الذين يتيقنون بهذا اللقاء.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير