تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

3. ومنها: فضيلة التوراة؛ لأنه أُطلق عليها اسم {الكتاب}؛ و "أل" هذه للعهد الذهني؛ فدل هذا على أنها معروفة لدى بني إسرائيل، وأنه إذا أُطلق الكتاب عندهم فهو التوراة؛ أيضاً سماها الله تعالى الفرقان، كما سمى القرآن الفرقان؛ لأن كلا الكتابين أعظم الكتب، وأهداهما؛ لقوله تعالى: {قل فأتوا بكتاب من عند الله هو أهدى منهما} [القصص: 49]. يعني التوراة، والإنجيل. {أتبعه إن كنتم صادقين} [القصص: 49]؛ ودل هذا على أن التوراة مشاركة للقرآن في كونها فرقاناً؛ ولهذا كانت عمدة الأنبياء من بني إسرائيل، كما قال تعالى: {إنا أنزلنا التوراة فيها هدًى ونور يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا والربانيون والأحبار بما استحفظوا من كتاب الله وكانوا عليه شهداء} [المائدة: 44].

4. ومن فوائد الآية: بيان عتوّ بني إسرائيل، وطغيانهم؛ لأنه إذا كانت التوراة التي نزلت عليهم فرقاناً، ثم هم يكفرون هذا الكفر دلّ على زيادة عتوهم، وطغيانهم؛ إذ من نُزِّل عليه كتاب يكون فرقاناً كان يجب عليه بمقتضى ذلك أن يكون مؤمناً مذعناً.

5. ومنها: أن الله. تبارك وتعالى. يُنزل الكتب، ويجعلها فرقاناً لغاية حميدة حقاً. وهي الهداية؛ لقوله تعالى: (لعلكم تهتدون).

6. ومنها: أن من أراد الهداية فليطلبها من الكتب المنزلة من السماء. لا يطلبها من الأساطير، وقصص الرهبان، وقصص الزهاد، والعباد، وجعجعة المتكلمين، والفلاسفة، وما أشبه ذلك؛ بل من الكتب المنَزلة من السماء. فعلى هذا ما يوجد في كتب الوعظ من القصص عن بعض الزهاد، والعباد، ونحوهم نقول لكاتبيها، وقارئيها: خير لكم أن تبدو للناس كتاب الله عزّ وجلّ، وما صح عن رسوله صلى الله عليه وسلم وتبسطوا ذلك، وتشرحوه، وتفسروه بما ينبغي أن يفهم حتى يكون ذلك نافعاً للخلق؛ لأنه لا طريق للهداية إلى الله إلا ما جاء من عند الله عزّ وجلّ.

7. ومن فوائد الآية: إثبات الأسباب، وتأثيرها في مسبَّباتها؛ وبسط ذلك مذكور في كتب العقائد.

8. ومنها: أن الإيتاء المضاف إلى الله سبحانه وتعالى يكون كونياً، ويكون شرعياً؛ مثال الكوني قوله تعالى: {وآتيناه من الكنوز ما إن مفاتحه لتنوء بالعصبة} [القصص: 76]؛ ومثال الشرعي قوله تعالى: {وآتينا موسى الكتاب} (الإسراء: 2)


(وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) (البقرة:54)

الفوائد:

1. من فوائد الآية: أنه ينبغي للداعي إلى الله أن يستعمل الأسلوب الذي يجذب إليه الناس، ويعطفهم عليه؛ لقوله تعالى حكاية عن موسى: {يا قوم}؛ فإن هذا لا شك فيه من التودد، والتلطف، والتحبب ما هو ظاهر.

2. ومنها: أن اتخاذ الأصنام مع الله ظلم؛ لقوله: {إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل}.

3. ومنها: أن المعاصي ظلم للنفوس؛ وجه ذلك: أن النفس أمانة عندك؛ فيجب عليك أن ترعاها بأحسن رعاية، وأن تجنبها سوء الرعاية؛ ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عمرو بن العاص: "إن لنفسك عليك حقا (1) ً".

4. ومنها: أنه ينبغي التعبير بما يناسب المقام؛ لقوله: {فتوبوا إلى بارئكم}؛ لأن ذكر "البارئ" هنا كإقامة الحجة عليهم في أن العجل لا يكون إلهاً؛ فإن الذي يستحق أن يكون إلهاً هو البارئ. أي الخالق سبحانه وتعالى.

5. ومنها: وجوب التوبة؛ لقوله: (فتوبوا إلى بارئكم)

6. ومنها: أن التوبة على الفور؛ لقوله: {فتوبوا}؛ لأن الفاء للترتيب، والتعقيب.

7. ومنها: إثبات الأسباب، وتأثيرها في مسبباتها؛ لقوله {باتخاذكم}: فإن الباء هنا للسببية.

8. ومنها: أنه ينبغي للداعي إلى الله أن يبين الأسباب فيما يحكم به؛ لقوله: (إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل)

9. ومنها: سفاهة بني إسرائيل، حيث عبدوا ما صنعوا وهم يعلمون أنه لا يرجع إليهم قولاً، ولا يملك لهم ضراً، ولا نفعاً.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير