2. ومنها: أن الكفر بعد الإسلام يسمى ردة؛ لقوله تعالى: {لو يردونكم}؛ ولهذا الذي يكفر بعد الإسلام لا يسمى باسم الدين الذي ارتد إليه؛ فلو ارتد عن الإسلام إلى اليهودية، أو النصرانية لم يعط حكم اليهود، والنصارى ..
3. ومنها: أن الحسد من صفات اليهود، والنصارى.
4. ومنها: تحريم الحسد؛ لأن مشابهة الكفار بأخلاقهم محرمة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "من تشبه بقوم فهو منهم"؛ واعلم أن الواجب على المرء إذا رأى أن الله أنعم على غيره نعمة أن يسأل الله من فضله، ولا يكره ما أنعم الله به على الآخرين، أو يتمنى زواله؛ لقوله تعالى: {ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن واسألوا الله من فضله} [النساء: 32]؛ والحاسد لا يزداد بحسده إلا ناراً تتلظى في جوفه؛ وكلما ازدادت نعمة الله على عباده ازداد حسرة؛ فهو مع كونه كارهاً لنعمة الله على هذا الغير مضاد لله في حكمه؛ لأنه يكره أن ينعم الله على هذا المحسود؛ ثم إن الحاسد أو الحسود. مهما أعطاه الله من نعمة لا يرى لله فضلاً فيها؛ لأنه لابد أن يرى في غيره نعمة أكثر مما أنعم الله به عليه، فيحتقر النعمة؛ حتى لو فرضنا أنه تميز بأموال كثيرة، وجاء إنسان تاجر، وكسب مكسباً كبيراً في سلعة معينة تجد هذا الحاسد يحسده على هذا المكسب بينما عنده ملايين كثيرة؛ وكذلك أيضاً بالنسبة للعلم: بعض الحاسدين إذا برز أحد في مسألة من مسائل العلم تجده. وإن كان أعلم منه. يحسده على ما برز به؛ وهذا يستلزم أن يحتقر نعمة الله عليه؛ فالحسد أمره عظيم، وعاقبته وخيمة؛ والناس في خير، والحسود في شر: يتتبع نعم الله على العباد؛ وكلما رأى نعمة صارت جمرة في قلبه؛ ولو لم يكن من خُلُق الحسد إلا أنه من صفات اليهود لكان كافياً في النفور منه.
5. ومن فوائد الآية: علم اليهود، والنصارى أن الإسلام منقبة عظيمة لمتبعه؛ لقوله تعالى: {حسداً}؛ لأن الإنسان لا يحسد إلا على شيء يكون خيراً، ومنقبة؛ ويدل لذلك قوله تعالى: {ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين أن ينزل عليكم من خير من ربكم} [البقرة: 105].
6. ومنها: وجوب الحذر من اليهود، والنصارى؛ ما دام كثير منهم يودون لنا هذا فإنه يجب علينا أن نحذر منهم.
7. ومنها: بيان خبث طوية هؤلاء الذين يودون لنا الكفر؛ لقوله تعالى: {من عند أنفسهم}؛ ليس من كتاب، ولا من إساءة المسلمين إليهم؛ ولكنه من عند أنفسهم: أنفس خبيثة تود الكفر للمسلمين حسدا ً.
8. ومنها: أن هؤلاء الذين يودون الكفر للمسلمين قد تبين لهم الحق؛ فلو كانوا جاهلين بأن المسلمين على حق، وقالوا: "لا نريد أن نكون على دين مشكوك فيه" لكان لهم بعض العذر؛ ولكنهم قد تبين لهم الحق، وعلموا أن الرسول صلى الله عليه وسلم حق، وأن دينه حق، وأن المؤمنين على حق؛ ومع ذلك فهم يودون هذه المودة، ويسعون بكل سبيل أن يصلوا إلى غايتهم؛ فمن أحب شيئاً سعى في تحصيله؛ فكثير من هؤلاء اليهود والنصارى يسعون بكل ما يستطيعون من قوة مادية، أو أخلاقية، أو غيرهما ليردوا المسلمين بعد الإيمان كفاراً.
9. ومن فوائد الآية: مراعاة الأحوال، وتطور الشريعة، حيث قال تعالى: {فاعفوا واصفحوا حتى يأتي الله بأمره}.
10. ومنها: أن الذم إنما يقع على من تبين له الحق؛ وأما الجاهل فهو معذور بجهله إذا لم يقصر في طلب العلم.
11. ومنها: جواز مهادنة الكفار إذا لم يكن للمسلمين قوة.
12. ومنها: إثبات الحكمة لله عز وجل، حيث أمر بالعفو، والصفح إلى أن يأتي الله بأمره؛ لأن الأمر بالقتال قبل وجود أسبابه، وتوفر شروطه من القوة المادية والبشرية، ينافي الحكمة.
13. ومنها: الرد على منكري قيام الأفعال الاختيارية بالله عز وجل؛ والذي عليه أهل السنة والجماعة أن الله سبحانه وتعالى فعال لما يريد فعلاً يليق بجلاله وعظمته، وما تقتضيه حكمته؛ لقوله تعالى: {حتى يأتي الله بأمره} ..
14. ومنها: ثبوت القدرة لله عز وجل، وأنها شاملة لكل شيء؛ لقوله تعالى: (إن الله على كل شيء قدير) 15. ومنها: الرد على المعتزلة القدرية؛ لأنهم يقولون: إن الإنسان مستقل بعمله؛ وإذا كان مستقلاً بعمله لزم من ذلك أن الله لا يقدر على تغييره؛ لأنه إن قدر على تغييره صار العبد غير مستقل.
¥