تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أصحاب اللديغ لم يضيفوهم فلهذا شرطوا عليهم الجعل - فلما قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم أخبروه بما فعلوا، فقال: قد أصبتم واضربوا لي معكم بسهم ففي هذا الحديث الرقية بالقرآن، وقد شفى الله المريض في الحال، وصوبهم النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك، وهذا من الاستشفاء بالقرآن من مرض الأبدان. وقد أخبر الله سبحانه في آية أخرى في سورة يونس أن الوحي شفاء لما في الصدور، وهي قوله سبحانه: يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وكون القرآن شفاء لما في الصدور لا يمنع كونه شفاء لمرض الأبدان،

ولكن شفاءه لما في الصدور أعظم الشفائين وأهمهما، ومع ذلك فأكثر الناس لم يشف صدره بالقرآن ولم يوفق للعمل به، كما قال سبحانه في سورة سبحان: وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلا خَسَارًا وذلك بسبب إعراضهم عنه وعدم قبول الدعوة إليه. وقد قام النبي صلى الله عليه وسلم في مكة ثلاث عشرة سنة يعالج المجتمع بالقرآن ويتلوه عليهم ويدعوهم إلى العمل به فلم يقبل ذلك إلا القليل، كما قال الله سبحانه: وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلا فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وقال سبحانه: وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ فالقرآن شفاء للقلوب والأبدان، ولكن لمن أراد الله هدايته، وأما من أراد الله شقاوته فإنه لا ينتفع بالقرآن ولا بالسنة ولا بالدعاة إلى الله سبحانه؛ لما سبق في علم الله من شفائه وعدم هدايته، كما قال سبحانه: وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ وقال سبحانه: وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا الآية، وقال سبحانه: فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ إِنْ هُوَ إِلا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ وَمَا تَشَاءُونَ إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ والآيات في هذا المعنى كثيرة، وهكذا الأحاديث الصحيحة.

وأما تأويل علي بن مشرف الحديث: إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم بأنه على سبيل الاستعارة، كما حكاه الحافظ بن حجر في الفتح عن بعضهم، أو أن ذلك بالنسبة لبعض الموسوسين، كما قاله علي المذكور، فهو قول باطل، والواجب: إجراء الحديث على ظاهره وعدم تأويله بما يخالف ظاهره. لأن الشياطين أجناس لا يعلم تفاصيل خلقتهم وكيفية تسلطهم على بني آدم إلا الله سبحانه، فالمشروع لكل مسلم: الاستعاذة به سبحانه من شرهم، والاستقامة على الحق، واستعمال ما شرعه الله من الطاعات والأذكار والتعوذات الشرعية، وهو سبحانه الواقي والمعيذ لمن استعاذ به ولجأ إليه، لا رب سواه، ولا إله غيره، ولا حول ولا قوة إلا به.

ونسأل الله سبحانه أن يثبتنا على دينه، وأن يعيذنا وجميع المسلمين من اتباع الهوى ونزغات الشيطان، وأن ينصر دينه ويعلي كلمته، وأن يوفق المسلمين لكل خير، وأن يمنحهم الفقه في الدين، وأن يولي عليهم خيارهم، وأن يصلح قادتهم، إنه سميع قريب. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

نشرت في صحيفة (المسلمون) في العدد (549) بتاريخ 15/ 3 / 1416 هـ، وفي مجلة الدعوة في العدد (1504) بتاريخ 21/ 3 / 1416 هـ.

ـ[محمد الأمين]ــــــــ[02 - 11 - 03, 07:49 ص]ـ

أخرج الإمام مسلم من طريق حماد بن سلمة عن ثابت البناني عن أنس

أن النبي صلى الله عليه وسلم كان مع إحدى نسائه فمر به رجل فدعاه فجاء فقال يا فلان هذه زوجتي فلانة فقال يا رسول الله من كنت أظن به فلم أكن أظن بك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم

أخرج الإمامين البخاري ومسلم في صحيحيهما من طريق عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري عن علي بن حسين عن صفية بنت حيي قالت

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم معتكفا فأتيته أزوره ليلا فحدثته ثم قمت فانقلبت فقام معي ليقلبني وكان مسكنها في دار أسامة بن زيد فمر رجلان من الأنصار فلما رأيا النبي صلى الله عليه وسلم أسرعا فقال النبي صلى الله عليه وسلم على رسلكما إنها صفية بنت حيي فقالا سبحان الله يا رسول الله قال إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما سوءا أو قال شيئا

قال الإمام النووي في فوائد الحديث: وفيه الاستعداد للتحفظ من مكايد الشيطان فإنه يجري من الإنسان مجرى الدم , فيتأهب الإنسان للاحتراز من وساوسه وشره.

قلت: ظاهر الحديث كما قال الإمام النووي وهو المتبادر للفهم من قصة الحديث، خاصة مع تصريح رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه خشي أن يقذف الشيطان في قلوبهما شيئاً، أي أن يوسوس له بشيء سيء. وأما تأويل الحديث بأنه خشي أن يصرعهما الشيطان، فتكلف مخالف لظاهر الحديث. والواجب: إجراء الحديث على ظاهره وعدم تأويله بما يخالف ظاهره.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير