8 - تعريف الانتحار، وحكمه الشرعي. (20–22)
9 - أدلة الانتحار عامة ومسألة الانتحار خوف إفشاء الأسرار خاصة، وبيان ذلك. (22 - 25)
10 - بيان أدلة جواز الانتحار خوف إفشاء الأسرار. (25–40)
11 - الشهيد وتعريفه. (41– 42)
12 - مسألة: لا دخل لليد الفاعلة في استحقاق وصف الشهادة. (43 –44)
13 - أخيراً زبدة البحث، ومحصلته: الضوابط التي يجب توافرها في مسألة الانتحار خوف إفشاء الأسرار. (45 - 47)
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة
الحمدلله رب العالمين ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، بعثه الله هادياً ونذيراً وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً ففتح الله به أعيناً كانت عمياً، وآذانا كانت صماً، وقلوباً كانت غلفاً، فصلوات الله عليه إلى يوم أن نلقاه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.
أما بعد:
لقد درج كثير من الكتاب والمؤلفين في مثل هذه البحوث والرسائل العلمية والتأليف عموماً على أن آخر ما يكتب من البحث المقدمة، رغم أنها أول ما يقرأ منه، ويتوجه النزر اليسير من القراء إلى الفهارس ليأخذ فكرة عامة عن الكتاب، والغالبية العظمى منهم يتوجهون إلى المقدمة ليكونوا فكرة عن المؤلِف والمؤَلَف، تظل تطاردهم من أو البحث إلى آخره بين أسطره وثناياه، مشكلة قناعة لدى القاري عن الكاتب تكون قالباً لاستيعاب ما في الكتاب.
لذا هي من الصعوبة بمكان صعوبة لا تقل عن صعوبة البحث والتأليف واختيار الموضوع وعنوانه وجمع مادته، ولم مراجعه، لأن الكاتب يحتار في كيفية التقديم لموضوعه ومن أي باب يدخل وإلى أي زاوية يتجه، وليست الحيرة نابعة من عجزه عن التعبير واختار الحسن من القول، ولكن بسبب تعدد وتنوع مشارب القراء والمطالعين.
ولكن ثقة بالله وتوكلاً واعتماداً عليه، أطرح بين أيدي المؤمنين والمؤمنات، تأملاً مختصراً في مسألة تمس الحاجة، وتلح الضرورة إلى طرحها بين المسلمين ومنا قشتها مناقشة علمية هادئة، بعيدةً عن التعصب الأعمى للرأي وأقوال الرجال أو العاطفة الشوهاء للمألوف، ومناقشتها ابتغاء ما عند الله، وحرصاً على النهوض بأمتنا الإسلامية من سفح الجبل الهابط إلى ذروته السامقة، وكف تلك الأيدي العابثة بمصير الأمة من يهود و نصارى، و أذنابهم ممن يدعي الإسلام من العرب أو العجم، وتتمثل هذه الأذناب في تلك الأنظمة الغادرة الخائنة العميلة، التي تمارس أقسى أنواع العذاب الحسي والمعنوي على شعوبها، التي لا جرم ولا جريرة لها سوى قولها ربي الله.
ومما يعلمه ذوو الدين والحِجَا، أن كفَّ هذه الأيدي الآثمة المجرمة لا يكون إلا بالجهاد في سبيل الله سواءً الحسي بشقيه الدفع والطلب، أو المعنوي، وهذا الجهاد يتنوع بتنوع وسائل المفسدين وسبل العابثين بنا وبديننا، وإذا كان الأمر كذلك فلا بد من حتمية المواجهة والاصطدام، لقوله تعالى: {يقاتلون في سبيل الله فيَقْتُلُونَ ويُقْتَلُونَ} والنتيجة آسر ومأسور في كلا الصفين، وقاتل ومقتول، وجارح ومجروح، وباتر ومبتور ..... والذي يهمني هنا هو المأسور من المسلمين، حامل سرهم الذي سيقع عليه النكال والعذاب فلا يستطيع الصمودَ إلا أن يبوح ويفشي سرّ المسلمين للأعداء، وعندها تقع الطامة الكبرى والمصيبة العظمى، حيث تستباح بيضة الإسلام وأهله بأي نوع من أنواع الاستباحات المعهودة صورها في الذهن عندما تذكر.
وهنا تأتي مسألة دقيقة وحساسة، حساسية نابعة من واقع المسلمين الأليم، وعظم حرمة الدم المسلم، ودقة متولدة من وجوب مراعاة الشرع، والحذر من القول على الله بغير علم، لذا قلت في بداية هذا البحث: (فهذا تأمل في مسألة تمس الحاجة إليها) ولم أجزم بالقول الفصل الذي لا تجوز مخالفته بعد ظهور أدلته، وبيان دلالتها وتحقيق مناطها بل لا يعدو الأمر أن يكون محاولةً لمطالعة أقوال أهل العلم في ذلك، وتأملها تأملاً لا يخلو من نتيجة أطمئنها لنفسي وأختارها، غير ملزم بها غيري، وما يحصل فيها من صواب فمن الله وحده وما يكون من خطأ فمن نفسي والشيطان والله ورسوله منه بريئان والله المستعان وعليه التكلان.
والمسألة ما يلي:
¥