تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ولا يخفى على عاقل أن القول بمنع العمل بكتاب الله وسنة رسوله e اكتفاءً عنهما بالمذاهب المدونة. وانتفاء الحاجة إلى تعلمها لوجود ما يكفي عنهما من مذاهب الأئمة من أعظم الباطل. وهو مخالف لكتاب الله وسنة رسوله e وإجماع الصحابة ومخالف لأقوال الأئمة الأربعة. فمرتكبه مخالف لله ولرسوله ولأصحاب رسوله e جميعاً وللأئمة رحمهم الله كما سترى إيضاحه إن شاء الله تعالى ثم قال رحمه الله:

المسألة الأولى:

اعلم أن قول بعض متأخري الأصوليين: إن تدبرَ هذا القرآن العظيم وتفهمه والعمل به. لا يجوز إلا للمجتهدين خاصة. وإن كل من لم يبلغ درجة الاجتهاد المطلق بشروطه المقررة عندهم، التي لم يستند اشتراط كثير منها إلى دليل من كتاب ولا سنة ولا إجماع ولا قياس جلي، ولا أثر عن الصحابة. قول لا مستند له من دليل شرعي أصلاً.

بل الحق الذي لا شك فيه، أن كل من له القدرة من المسلمين. على التعلم والتفهم وإدراك معاني الكتاب والسنة، يجب عليه تعلمهما، والعمل بما علم منهما.أما العمل مع الجهل بما يعمل به منهما، فممنوع إجماعا، وأما ما علمه منهما علماً صحيحاً ناشئاً عن تعلم صحيح. فله أن يعمل به ولو آيةً واحدة أو حديثاً واحداً. ومعلومٌ أن هذا الذم والإنكار على من لا يتدبر كتاب الله عام للجميع ..... إلى أن قال: وإذاً فدخول الكفار والمنافقين، في الآيات المذكورة قطعي، ولو كان لا يصح الانتفاع بهدى القرآن إلا لخصوص المجتهدين لما أنكر الله على الكفار عدم تدبرهم كتاب الله وعدم عملهم به .... إلى أن يقول رحمه الله، تنبيه مهم: يجب على كل مسلم، يخاف العرض على ربه يوم القيامة أن يتأمل فيه، ليرى لنفسه المخرج من هذه الورطة العظمى، والطامة الكبرى التي عمت جل بلاد المسلمين من المعمورة، وهي ادعاء الاستغناء عن كتاب الله تعالى وسنة رسوله e استغناءً تاماً في جميع الأحكام من عبادات، ومعاملات، وحدود، وغير ذلك، بالمذاهب الأربعة المدونة وبناء هذا على مقدمتين

إحداهما: أن العمل بالكتاب والسنة لا يجوز إلا للمجتهدين.

والثانية: أن المجتهدين معدومون عدماً كلياً، لا وجود لأحد منهم، في الدنيا وأنه بناء على هاتين المقدمتين، يمتنع العمل بكتاب الله تعالى وسنة رسوله e منعاً باتاً على جميع أهل الأرض، ويستغنى عنهما بالمذاهب المدونة. وزاد كثير منهم على هذا منع تقليد غير المذاهب الأربعة، وأن ذلك يلزم استمراره إلى آخر الزمان.

فتأمل يا أخي رحمك الله: كيف يسوغ لمسلم، أن يقول بمنع الاهتداء بكتاب الله وسنة رسوله e وعدم وجوب تعلمهما والعمل بهما استغناءً عنهما بكلام رجال، غير معصومين ولا خلاف في أنهم يخطئون.

إلى أن قال: وبهذا تعلم أيها المسلم المنصف، أنه يجب عليك الجد والاجتهاد في تعلم كتاب الله تعالى وسنة رسوله e وبالوسائل النافعة المنتجة، والعمل بكل ما علمك الله منهما علماً صحيحاً. ولتعلم أن تعلم كتاب الله تعالى وسنة رسوله e في هذا الزمان أيسر بكثير من القرون الأولى، لسهولة معرفة جميع ما يتعلق بذلك، من ناسخ ومنسوخ وعام وخاص، ومطلق ومقيد، ومجمل ومبين، وأحوال الرجال، من رواة الحديث والتمييز بين الصحيح والضعيف، لأن الجميع ضُبِطَ وأتقن ودوّن، فالجميع سهل التناول فكل آية من كتاب الله قد علم ما جاء فيها من النبي e ثم من الصحابة والتابعين وكبار المفسرين، وجميع الأحاديث الواردة عنه e حفظت ودونت، وعلمت أحوال متونها وأسانيدها وما يتطرق عليها من العلل والضعف. فجميع الشروط التي اشترطوها في الاجتهاد يسهل تحصيلها جداً على كل من رزقه الله فهماً وعلماً.

إلى أن قال رحمه الله تعالى راداً على الشروط التي وضعها الأصوليون للاجتهاد ما نصه: ولا يخفى أن مستندهم في اشتراطهم لهذه الشروط ليس نصاً من كتاب ولا سنة تصرح بأن هذه الشروط كلها لا يصح دونها عمل بكتاب ولا سنة ولا إجماع، دالاً على ذلك .... إلى أن قال: وإيضاح ذلك هو أن كتاب الله تعالى وسنة رسولهeوإجماع المسلمين دال على أن العمل بكتاب الله وسنة رسوله e لا يشترط له إلا شرط واحد، وهو العلم بحكم ما يعمل به منهما، ولا يشترط في العمل بالوحي شرط زائد على العلم بحكمه ألبتة. ثم واصل حديثه رحمه الله تعالى إلى أن وصل إلى قول المقلدين، ومن حذا حذوهم: [

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير