تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

جاءنا جزائريون ينتسبون إلى الإسلام يقولون: هل يجوز للإنسان أن ينتحر مخافة أن يضربوه بالشرنقة، ويقول: أموت أنا وأنا شهيد – مع أنهم يعذبونه بأنواع العذاب- فقلنا لهم: إذا كان كما تذكرون فيجوز، ومن دليله (آمنا برب الغلام (وقول بعض أهل العلم: إن السفينة .... إلخ إلا أن فيه التوقف من جهة قتل الإنسان نفسه ومفسدة ذلك أعظم من مفسدة هذا فالقاعدة محكمة، وهو مقتول ولا بد. أ. هـ (تقرير)] من فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم ج6ص207 - 208 الطبعة الأولى 1399هـ المطابع الحكومية كتاب الجهاد.

وفي نظري القاصر أن هذه الفتوى من الشيخ قاصمة الظهر لمن يسأل ويقول من سبقك إلى هذا القول، لذا وبعد أن عثرت على هذه الفتوى مؤخراً فإنني لا أرى غضاضة في أن أقول: قد يتوجه وجوب قتل النفس على من وقع في مثل ذلك، صيانة لدماء المسلمين وأعراضهم، وما كنت لأقول بهذا لولا أن رأيت هذه الفتوى للعلامة محمد بن إبراهيم رحمه الله، هروباً من وحشة الشذوذ، وأما الآن فلا شذوذ والحمد لله، فضلاً عن أن الأدلة بحد ذاتها أقل ما يقال فيها إنها دالة على جواز ذلك، فلما جاءت الفتوى جاءت لتقصر نبس الشفاه.

رابع عشر: ما صدر عن الشيخ حسن أيوب في كتابه [الجهاد والفدائية في الإسلام] ص 247 - 248 من جواز هذا الفعل حيث قال (الانتحار إذا كان له مبرر أصيل، وقوي يتصل بأمر يخص المسلمين وينفعهم، وبدونه يحصل الضرر للمسلمين فإنه حينئذ يكون جائزاً. وذلك كأن يعذب إنسان من أجل الإفضاء بأسرار تتعلق بمواقع الفدائيين أو أسمائهم، أو يكشف خطط الجيش الإسلامي، أو مواقع الذخيرة أو السلاح إلى آخر ما يعتبر علم العدو به خطراً على الجيش الإسلامي، أو على أفراد المسلمين أو على حريمهم أو ذراريهم، ويرى أنه لا صبر له على التعذيب، وأنه مضطر أن يفضي بهذه الأسرار، أو يعلم أن الأعداء يحقنونه بمادة مؤثرة على الأعصاب بحيث يبوح بما عنده من أسرار تلقائياً، وبدون تفكير، أو شعور بخطورة ما يقوله، ويشهد لذلك أقوال العلماء فيمن ألقى بنفسه على الأعداء، وهو يعلم أنه مقتول لا محالة ولكنه يرى أن في ذلك خيراً للإسلام والمسلمين، وحالتنا هذه أهم وأخطر) أ. هـ

خامس عشر: جميع ما صدر من فتاوى بأدلتها الشرعية عن العلماء المتأخرين كالشيخ عبدالله بن حميد رحمه الله فيما ينقل عنه والشيخ الألباني رحمه الله والشيخ العلامة حمود العقلاء وفقه الله ومتعنا به والشيخ سليمان العلوان حفظه الله وفتوى علماء الأردن وعلماء الأزهر وعلماء مصر وغيرها كثير صادرة عن علماء أقطار العالم الإسلامي التي تجيز تفجير النفس وقتلها نكاية بالعدو، هي بحد ذاتها فتوى لما ذهبت إليه من جواز قتل المسلم نفسه إن خشي أن يفشي سر المسلمين تحت طائلة التعذيب، لأن النكاية بالعدو هنا متحققة، وكذا نصرة الدين والمسلمين وليس هناك فرق بين المسألتين، بل إن أدلة العلماء السابقين في مسألة جواز الانغماس في العدو للنكاية بهم وإن غلب على ظنه أنه يقتل ليس بينها وبين مسألتنا فرق؛ سوى أن هذا قتل بيد العدو وهذا قتل بيده، و لا عبرة بهذا الفرق لأن المعين أو المتسبب في قتل نفسه هو كالمباشر لقتل نفسه وهذا مما يتفق عليه أهل العلم قاطبة.

سادس عشر: يلزم لزوماً حتمياً جميع من أفتى بجواز وفضل العمليات الاستشهادية أن يفتي بجواز وفضل من قتل نفسه فداءً للمسلمين، وخوفاً عليهم من أن يفشي سرهم وذلك لأن الحفاظ على أرواح المؤمنين أولى بكثير من قتل بعض الكافرين في عملية استشهادية قد لا يقتل فيها أحد سوى بعض الدمار لبعض المنشآت وإرهاب العدو لذا جاء في بدائع الصنائع 7/ 120: وأما مفاداة الأسير بالأسير فلا تجوز عند أبي حنيفة عليه الرحمة، وعند أبي يوسف ومحمد تجوز ووجه قولهما أن في المفاداة إنقاذ المسلم وذلك أولى من إهلاك الكافر.

والشاهد قول أهل العلم المتفق عليه (إنقاذ المسلم وذلك أولى من إهلاك الكافر) وهذا مما يتفق عليه ذوو الحجا والنهى من المسلمين، فإن قال قائل لا يلزم قلنا له بين لنا الفرق بين المسألتين؟! لأن التفرقة بين المتماثلات بلا دليل من أعسر المشكلات.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير