وعند المالكية: قال الدرديري في الشرح الكبير هو: من قتل في قتال الحربيين فقط ولو قتل ببلد الإسلام بأن غزا الحربيون المسلمين، أو لم يقاتل بأن كان غافلاً أو نائماً أو قتله مسلم يظنه كافراً، أو داسته الخيل، أو رجع عليه سيفه أو سهمه، أو سقط في بئر أو سقط من شاهق حال القتال.
وعند الشافعية: قال ابن حجر هو: من قتل في حرب الكفار مقبلاً غير مدبر مخلصاً.
و في مغني المحتاج: هو الذي يقتل في قتال الكفار مقبلاً غير مدبر لتكون كلمة الله هي العليا، وكلمة الذين كفروا السفلى دون عرض من أعراض الدنيا.
وعند الحنابلة: قال صاحب كشاف القناع والشهيد هو من مات بسبب القتال مع الكفار وقت قيام القتال.
وقال ابن قدامة في المغني: فإن كان الشهيد عاد عليه سلاحه فقتله فهو كالمقتول بأيدي العدو، وقال القاضي يغسل ويصلى عليه لأنه مات بغير أيدي المشركين أشبه ما لو أصابه ذلك في غير المعترك، ولنا ما روى أبو داود عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال أغرنا على حي من جهينة فطلب رجل من المسلمين رجلا منهم فضربه فأخطأه، فأصاب نفسه بالسيف فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (أخوكم يا معشر المسلمين فابتدره الناس فوجدوه قد مات فلفه رسول الله صلى الله عليه وسلم بثيابه ودمائه وصلى عليه) فقالوا يا رسول الله أشهيد هو؟ قال (نعم وأناله شهيد) وعامر بن الأكوع بارز مرحبا يوم خيبر فذهب يسفل له فرجع سيفه على نفسه فكانت فيها نفسه فلم يفرد عن الشهداء بحكم ولأنه شهيد المعركة فأشبه ما لو قتله الكفار.
مسألة: لا دخل لليد الفاعلة في استحقاق وصف الشهادة
مما تقدم من تعريف الشهيد يتبين أن الجمهور خلافاً للحنفية لم يجعلوا لليد الفاعلة للقتل سبباً في تحقق الشهادة، سوى ما جاء عند الحنفية بأن الشهيد الذي قتله المشركون أو وجد قتيلاً في أرض المعركة.
وقول الجمهور هو الراجح، وقول الحنفية يرده ما جاء في الصحيحين عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى خيبر، ثم ذكر الحديث ....... وفيه (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا السائق قالوا عامر بن الأكوع – أخو سلمة - قال يرحمه الله، قال رجل من القوم وجبت يا نبي الله لولا أمتعتنا به، فلما تصاف القوم كان سيف عامر قصيراً، فتناول به ساق يهودي ليضربه ويرجع ذباب سيفه فأصاب عين ركبة عامر فمات منه، قال فلما قفلوا قال سلمة رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم شاحباً وهو آخذ بيدي قال (ما لك؟) قلت له فداك أبي وأمي زعموا أن عامراً حبط عمله، قال (من قاله؟) قلت قاله فلان وفلان وفلان وأسيد بن الحضير الأنصاري، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (كذب من قاله إن له لأجرين وجمع بين إصبعيه إنه لجاهد مجاهد).
وروى أبو داود في سننه حديث 2539 عن أبي سلام عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال: أغرنا على حي من جهينة، فطلب رجل من المسلمين رجلاً منهم فأخطأه، وأصاب نفسه بالسيف، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (أخوكم يا معشر المسلمين) فابتدره الناس فوجدوه قد مات، فلفه رسول الله صلى الله عليه وسلم بثيابه ودمائه وصلى عليه ودفنه، فقالوا يا رسول الله، أشهيد هو؟ قال (نعم وأنا عليه شهيد).
وبهذا يتبين أنه ليس شرطاً أن يقتل المجاهد بسلاح العدو حتى يقال عنه شهيد، إنما الشهيد من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا، وقتل في أرض المعركة بأية طريقة كانت فإنه ينطبق عليه وصف الشهيد.
ومن توقف عن القول بجواز العمليات الاستشهادية شبهته فيها أن المجاهد يقتل نفسه، فتوقفه ليس له ما يبرره، فإن كان توقف لهذه الشبهة فليعلم أنه لا تأثير لها في استحقاق الشهيد للشهادة.
¥