تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الجني بالإنسي صحيحا، بل ذلك تارة يكون صحيحا في بعض الأحيان، ويكون غير صحيح في أحيان أخرى. بسبب أمراض تعتري الإنسان في رأسه تفقده الشعور فيعالج ويشفى، وقد لا يشفى ويموت على اختلال عقله، وقد يختل العقل بأسباب ووساوس كثيرة تعتري الإنسان، فالواجب: التفصيل، وقد أوضح ذلك ابن القيم رحمه الله في (زاد المعاد)، وقد حصل لشخص من سكان الدلم - حين كنت في قضاء الخرج - خلل في عقله فلما عرض على المختصين ذكروا أن سبب ذلك فتق في الرأس فكوي وبرئ من ذلك بإذن الله.

وهذا نص كلام شيخ الإسلام رحمه الله في الفتاوى في المجلد المذكور، قال ما نصه بعد كلام سبق: (ولهذا أنكر طائفة من المعتزلة. كالجبائي، وأبي بكر الرازي، وغيرهما دخول الجني في بدن المصروع، ولم ينكروا وجود الجن، إذ لم يكن ظهور هذا في المنقول عن الرسول صلى الله عليه وسلم كظهور هذا، وإن كانوا مخطئين في ذلك، ولهذا ذكر الأشعري في مقالات أهل السنة والجماعة أنهم يقولون: إن الجني يدخل في بدن المصروع، كما قال تعالى: الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لا يَقُومُونَ إِلا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ الآية.

وقال عبد الله بن الإمام أحمد: قلت لأبي: إن قوما يزعمون أن الجني لا يدخل في بدن الإنسي، فقال: يا بني، يكذبون، هو ذا يتكلم على لسانه، وهو مبسوط في موضعه). وقال أيضا رحمه الله، في المجلد الرابع والعشرين من الفتاوى (ص 276، 277) ما نصه:

(وجود الجن ثابت بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم واتفاق سلف الأمة وأئمتها، وكذلك دخول الجني في بدن الإنسان ثابت باتفاق أئمة أهل السنة والجماعة، قال الله تعالى: الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لا يَقُومُونَ إِلا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم: إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم إلى أن قال رحمه الله: وليس في أئمة المسلمين من ينكر دخول الجني في بدن المصروع، ومن أنكر ذلك وادعى أن الشرع يكذب ذلك فقد كذب على الشرع، وليس في الأدلة الشرعية ما ينفي ذلك. .) إلخ.

وبما ذكرنا يعلم بطلان ما ذهب إليه علي المذكور من إنكار دخول الجني في بدن الإنسان، ويعلم كذب علي في دعواه أني صدقته في ذلك وصححت مذهبه، وقد كتبت في ذلك ردا على من أنكر دخول الجني في بدن الإنسي منذ سنوات، ونشر ذلك في كتابي: (مجموع فتاوى ومقالات متنوعة)، في المجلد الثالث (ص 299 - 308) فمن أحب أن يطلع عليه فليراجعه في محله المذكور.

وأما قول علي المذكور: لو أنكر علي لرد علي، فجوابه: أنه ليس كل ما نشر في الصحف من الأخطاء أطلع عليه. لكثرة ما ينشر في الصحف، وكثرة مشاغلي عن الاطلاع على ذلك، والله ولي التوفيق، ونسأله سبحانه أن يحفظنا من الخطأ والزلل في القول والعمل.

وأما إنكار علي المذكور كون القرآن الكريم شفاء لبعض الأمراض البدنية فهو أيضا قول باطل، وقد أوضح الله سبحانه أن كتابه شفاء في كتابه العظيم، فقال سبحانه في سورة بني إسرائيل: وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلا خَسَارًا وقال سبحانه في سورة فصلت: قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ الآية.

والآيتان الكريمتان المذكورتان تعمان شفاء القلوب وشفاء الأبدان، ولكن لحصول الشفاء بالقرآن وغيره شروط وانتفاء موانع في المعالج والمعالج، وفي الدواء، فإذا توفرت الشروط وانتفت الموانع حصل الشفاء بإذن الله، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: لكل داء دواء فإذا أصيب دواء الداء برئ بإذن الله رواه مسلم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير