تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والشّافعيّة أيضاً يلزمون القاتل بالضّمان، فإذا كان بعد اختيار رقّه ضمن قيمته، وكان في الغنيمة. وإذا كان بعد المنّ عليه لزمه ديته لورثته. وإن قتله بعد الفداء فعليه ديته غنيمةً، إن لم يكن قبض الإمام الفداء، وإلاّ فديته لورثته. وإن قتله بعد اختيار الإمام قتله فلا شيء عليه، وإن كان قبله عزّر.

وعند الحنابلة: إن قتل أسيره أو أسير غيره قبل الذّهاب للإمام أساء، ولم يلزمه ضمانه.

معاملة الأسير قبل نقله لدار الإسلام:

13 - مبادئ الإسلام تدعو إلى الرّفق بالأسرى، وتوفير الطّعام والشّراب والكساء لهم، واحترام آدميّتهم، لقوله تعالى {ويطعمون الطّعام على حبّه مسكينا ويتيماً وأسيراً}، وروي أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه في أسرى بني قريظة بعدما احترق النّهار في يومٍ صائفٍ: «أحسنوا إسارهم، وقيّلوهم، واسقوهم» وقال: «لا تجمعوا عليهم حرّ هذا اليوم وحرّ السّلاح ... » وقال الفقهاء: إن رأى الإمام قتل الأسارى فينبغي له ألاّ يعذّبهم بالعطش والجوع، ولكنّه يقتلهم قتلاً كريماً. ويجوز حبس الأسرى في أيّ مكان، ليؤمن منعهم من الفرار، فقد جاء في الصّحيحين أنّ «الرّسول حبس في مسجد المدينة»

التّصرّف في الأسرى قبل نقلهم لدار الإسلام:

14 - يرى جمهور الفقهاء جواز التّصرّف في الغنائم - ومنها الأسرى في دار الحرب - وقبل نقلهم لدار الإسلام. قال مالكٌ: الشّأن أن تقسم الغنائم وتباع ببلد الحرب، وروى الأوزاعيّ أنّ رسول اللّه والخلفاء لم يقسموا غنيمةً قطّ إلاّ في دار الشّرك، قال أبو سعيدٍ الخدريّ رضي الله عنه: «خرجنا مع رسول اللّه صلى الله عليه وسلم في غزوة المصطلق، فأصبنا سبياً من سبي العرب، فاشتهينا النّساء، واشتدّت علينا وأحببنا العزل، فأردنا العزل وقلنا: نعزل ورسول اللّه صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا قبل أن نسأله، فسألناه عن ذلك فقال: ما عليكم أن لا تفعلوا، ما من نسمةٍ كائنةٍ إلى يوم القيامة إلاّ وهي كائنةٌ» فإنّ سؤالهم النّبيّ صلى الله عليه وسلم عن العزل في وطء السّبايا دليلٌ على أنّ قسمة الغنائم قد تمّت في دار الحرب، ولما في ذلك من تعجيل مسرّة الغانمين وغيظ الكافرين، ويكره تأخيره لبلد الإسلام، وهذا إذا كان الغانمون جيشاً وأمنوا من كرّ العدوّ عليهم.

وقد نصّ الشّافعيّة على أنّ للغانمين التّملّك قبل القسمة لفظاً، بأن يقول كلٌّ بعد الحيازة، وقبل القسمة: اخترت ملك نصيبي، فتملّك بذلك. وقيل: يملكون بمجرّد الحيازة، لزوال ملك الكفّار بالاستيلاء. وقيل: الملك موقوفٌ. والمراد عند من قال يملكون بمجرّد الحيازة: الاختصاص، أي يختصمون.

وصرّح الحنابلة بجواز قسمة الغنائم في دار الحرب، وهو قول الأوزاعيّ وابن المنذر وأبي ثورٍ لفعل الرّسول صلى الله عليه وسلم ولأنّ الملك ثبت فيها بالقهر والاستيلاء.

15 - وعند الحنفيّة لا تقسم الغنائم إلاّ في دار الإسلام، لأنّ الملك لا يتمّ عليها إلاّ بالاستيلاء التّامّ، ولا يحصل إلاّ بإحرازها في دار الإسلام، لأنّ سبب ثبوت الحقّ القهر، وهو موجودٌ من وجهٍ دون وجهٍ، لأنّهم قاهرون يداً مقهورون داراً، فلا ينبغي للإمام أن يقسم الغنائم - ومنها الأسرى - أو يبيعها حتّى يخرجها إلى دار الإسلام، خشية تقليل الرّغبة في لحوق المدد بالجيش، وتعرّض المسلمين لوقوع الدّبرة عليهم، بأن يتفرّقوا ويستقلّ كلّ واحدٍ منهم بحمل نصيبه. ومع هذا فقالوا: وإن قسم الإمام الغنائم في دار الحرب جاز، لأنّه أمضى فصلاً مختلفاً فيه بالاجتهاد. وقد روي أنّ «الرّسول صلى الله عليه وسلم أخّر قسمة غنائم حنينٍ حتّى انصرف إلى الجعرانة».

تأمين الأسير:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير