[إدراك النجعة في موقف أهل السنة من العلماء والمصنفين الذين تلبسوا ببدعة]
ـ[أبو حسن الشامي]ــــــــ[09 - 11 - 03, 06:29 م]ـ
[إدراك النجعة في موقف أهل السنة من العلماء والمصنفين الذين تلبسوا ببدعة]
تأليف الشيخ ناصر بن لازم
الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين ... أما بعد:
فهذه رسالة ذكرت فيها العلماء الأفاضل الذين نصروا الإسلام نصراً مؤزراً وهم من علماء الهدى وممن يقتدى بهم ويترحم عليهم، لكنهم وقعوا متأولين في بعض الأخطاء التي وافقت بعض أقوال المبتدعة وخالفوا طريقة أهل السنة في مسألة أو مسألتين وهذه من أخطائهم المغمورة في بحور حسناتهم والله حسيبهم ولا نزكي على الله أحداً، فهؤلاء ينبغي أن نعرف لهم فضلهم وأن نذكر محاسنهم وأن نترحم عليهم وأن ننهل من علومهم ونستفيد من فهمهم أن نتجنب أخطاءهم ومن الجهل الفظيع والقول الشنيع أن نذمهم أو نهجرهم حيث لا يعرف هذا في طريقة السلف، ومن منا معصوم من الخطأ، بل هؤلاء العلماء لهم مقدمات ظنوها صحيحه واجتهادات ظنوها مسوغة أوصلتهم إلى نتائج خاطئة والله يغفر لهم ويعفو عنهم، والباعث على تأليفي هذه الرسالة أن بعض الجهال وربما نسبوا أنفسهم إلى العلم نادوا بهجر المبتدع، لكنهم ساروا على طريقة لا تمت إلى منهج أهل السنة والجماعة بصله بل تحبطوا وضلوا عن سواء الصراط بل ربما تكون في نفوسهم أمور وحظوظ أطلقوا لها العنان ظانين أنهم مطيعون لله، ولله در شيخ الإسلام ابن تيمية حيث يقول: (وما أكثر ما تفعل النفوس ما تهواه ظانة أنها تفعله طاعة لله) أهـ.
قلت: ما أجملها من عبارة لو تدبرتها النفوس الضعيفة والقلوب المريضة، وكم كانت قضية هجر المبتدع ذريعة إلى تمكين الحسد في النفوس، والنيل من المحسنين لصدارتهم ولأنهم قد حازوا القبول عند الناس عامتهم وخاصتهم، فليحذر المسلم من تلبيس إبليس.
وإليك أيها القارئ أمثله من هؤلاء العلماء الذين وقعوا فيما يخالف منهج أهل السنة في مسألة أو مسألتين، ولكنهم لم يخرجوا بذا عن حدود أهل السنة
(1) القاضي شريح
هو الفقيه أبو أمية، شريح بن الحارث بن قيس بن الجهم الكندي، قاضى الكوفة.
كان من خيار الناس في زمانه، إلا أنه أنكر صفة من صفات الله وهي العجب، قال شيخ الإسلام ابن تيميه في مجموع الفتاوى 3/ 229 (هذا مع أني دائما ومن جالسني يعلم ذلك من: أني من أعظم الناس نهيا عن أن ينسب معين إلى تكفير وتفسيق ومعصية، إلا علم أنه قد قامت عليه الحجة الرسالية التي من خالفها كان كافراً تارة، وفاسقا أخرى، وعاصيا أخرى، وأني اقرر أن الله قد غفر لهذه الأمة خطأها وذلك يعم الخطأ في المسائل الخبرية القوليه والمسائل العملية.
وما زال السلف يتنازعون في كثير من هذه المسائل ولم يشهد أحد منهم على أحد لا بكفر ولا بفسق ولا معصية كما أنكر شريح قراءة من قرأ (بَلْ عَجِِبْتَُ وَيَسْخَرُونَ) وقال: أن الله لا يعجب، فبلغ ذلك إبراهيم النخعي فقال: إنما شريح شاعر يعجبه علمه كان عبد الله أعلم منه وكان يقرأ (بل عجبتُ) أهـ.
(2) عكرمة مولى ابن عباس
هو العلامة الحافظ الثقة الثبت المفتى المفسر، ولكن ذكر بعض أهل العلم أنه كان أباضيا يرى السيف، وقد قال يحيى بن معين (إنما لم يذكر مالك عكرمة – يعني في الموطأ-: لأن عكرمة كان ينتحل رأى الصفرية) والصفرية والأباضية من فرق الخوارج.
قال الإمام أحمد بن حنبل عن عكرمة مولى ابن عباس: يقال أنه كان صفرياً.
والذين ذكروا أنه كان يرى رأى الأباضية كثيرون، أنظر في ذلك سير أعلام النبلاء وتهذيب الكمال وغيرها من الكتب، وقال الذهبي في الكاشف (ثبت ولكنه أباضي يرى السيف) أهـ.
لكن ذكر الحافظ في تقريب التهذيب ما نصه (ثقة ثبت عالم بالتفسير لم يثبت تكذيبه عن ابن عمر ولا تثبت عنه بدعة ... ) أهـ. وقال العجلي (ثقة برئ مما يرميه به الناس) وقال الشعبي: ما بقي أحد أعلم بكتاب الله من عكرمة رموه بغير نوع من البدعة. أهـ.
¥