تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

حلقة رجل. وفي أيديهم حصى فيقول كبروا مئة فيكبرون مئة فيقول هللوا مئة فيهللون مئة ويقول سبحوا مئة فيسبحون مئة. قال فماذا قلت لهم؟ قال ما قلت لهم شيئا انتظار رأيك وانتظار أمرك. قال أفلا أمرتهم أن يعدوا سيئاتهم وضمنت لهم أن لا يضيع من حسناتهم. ثم مضى ومضينا معه حتى أتى حلقة من تلك الحلق، فوقف عليهم فقال ما هذا الذي أراكم تصنعون؟ قالوا يا أبا عبد الرحمن حصى نعد به التكبير والتهليل والتسبيح. قال فعدوا سيئاتكم فأنا ضامن أن لا يضيع من حسناتكم شيء. ويحكم يا أمة محمد ما أسرع هلكتكم، هؤلاء صحابة نبيكم صلى الله عليه وسلم متوافرون وهذه ثيابه لم تبل وآنيته لم تكسر. والذي نفسي بيده إنكم لعلى ملة هي أهدى من ملة محمد أو مفتتحو باب ضلالة. قالوا والله يا أبا عبد الرحمن ما أردنا إلا الخير. قال وكم من مريد للخير لن يصيبه. إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثنا أن قوما يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم، و أيم الله ما أدري لعل أكثرهم منكم ثم تولى عنهم. فقال عمرو بن سلمة رأينا عامة أولئك الحلق يطاعنونا يوم النهروان مع الخوارج.

و لا أدري كيف حشر هذا الحديث (بل هو أثر موقوف) في صنف أدلة عدم جواز الذكر الجماعي، إذ لا علاقة له بموضوعنا. فإنكار أبي موسى الأشعري لم يكن عن ذكرهم لربهم و لا أدري كيف اعتقدوا ذلك، إنما أنكر عدهم لحسناتهم لأنه خاف أن يغتروا بعملهم. إنظر قوله: «أفلا أمرتهم أن يعدوا سيئاتهم وضمنت لهم أن لا يضيع من حسناتهم»، و كذلك قوله «فعدوا سيئاتكم فأنا ضامن أن لا يضيع من حسناتكم شيء». بل هذا الحديث هو حجة عليهم لأن أبا موسى لم ينكر عليهم الذكر الجماعي إنما مجرد عده!

و هذا طبعاً لو صح سند الحديث. فما بالك لو علمت أن الحديث ضعيف أصلاً؟

قال الذهبي: «الحكم بن المبارك ت الخاشي البلخي عن مالك ومحمد بن راشد المكحولي وعنه أبو محمد الدارمي وجماعة. وثقه ابن حبان وابن مندة. وأما ابن عدي فإنه لوّح في ترجمة أحمد بن عبد الرحمن الوهبي بأنه ممن يسرق الحديث، لكن ما أفرد له في الكامل ترجمة. وهو صدوق». ميزان الإعتدال في نقد الرجال (2\ 345).

قلت سرقة الحديث يعني أن الراوي يبلغه حديث يرويه بعضهم فيسرقه منه و يركب عليه إسناداً من أسانيده، ثم يرفعه إلى النبي صلى الله عليه و سلم. و هي تهمة معناها الاتهام بالكذب و وضع الحديث. أي أنها تهمة في غاية الخطورة.

قال بن عدي: «عمرو بن يحيى بن عمرو بن سلمة، حدثنا بن أبي عصمة ثنا أحمد بن أبي يحيى قال سمعت يحيى بن معين يقول عمرو بن يحيى بن سلمة ليس بشيء. حدثنا أحمد بن علي ثنا الليث بن عبدة قال سمعت يحيى بن معين يقول عمرو بن يحيى بن سلمة سمعت منه لم يكن يرضي. وعمرو هذا ليس له كثير رواية ولم يحضرني له شيء فأذكره». الكامل في ضعفاء الرجال (5\ 122). و قال العسقلاني: «عمرو بن يحيى بن عمرو بن سلمة قال يحيى بن معين ليس حديثه بشيء قد رأيته وذكره بن عدي مختصرا انتهى. وقال بن خراش ليس بمرضي. وقال بن عدي ليس له كبير شيء ولم يحضرني له شيء». لسان الميزان (4\ 378).

فابن عدي ينقل من سندين مختلفين تضعيف إبن حبان له، و كذلك إبن حجر العسقلاني ينقل تضعيف إبن خراش له. فلا شك في ضعف سند هذا الحديث.

3 - الأثر المنسوب لخباب بن الأرت رضي الله عنه. و أصح سند له هو ما أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (5\ 290): حدثنا وكيع عن سفيان عن أبي سنان عن عبد الله بن أبي الهذيل عن عبد الله بن خباب قال: رآني أبي وأنا ثم قاص فلما رجع أخذ الهراوة قال قرن قد طالع العمالقة.

و هذا الأثر يفيد في النهي عن القص على الناس. و قد ذكر إبن شيبة ذلك الأثر في باب كراهية القصص على الناس، و ذكر في ذلك أثار كثيرة عن الصحابة رضوان الله عليهم. و ليس في هذا الأثر و لا حتى في رواية إبن وضاح ما يثبت أن الكلام عن الذكر الجماعي بصوت واحد. و إلا لأمكننا الاحتجاج بالأحاديث الصحيحة الواردة في الثناء على أهل الذكر بصيغة الجمع بما يدل على استحباب الاجتماع على ذكر الله منها ما جاء في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي (صلى الله عليه و سلم) قال: «إن لله تعالى ملائكة سيارة، فضلاً يتبعون مجالس الذكر، فإذا وجدوا مجلساً فيه ذكر، قعدوا معهم، وحف بعضهم بعضاً بأجنحتهم، حتى يملؤوا ما بينهم و بين السماء

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير