تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فثبت بما أسلفنا – والحمد لله – أن الراجح في المذاهب الأربعة جميعاً: أن الرجل إذا أعاد عضوه المبان إلى محلّه , فإنه يبقى طاهراً , ولا يحكم بنجاسته , ولا بفساد صلاته , ولا يؤمر بقلعه من هذه الجهة.

فلما ثبت أن إعادة العضو لا يخالف مقتص القصاص ولا يستلزم النجاسة , ظهر أنه مباح لا بأس به. والله سبحانه وتعالى أعلم.

المسألة الرابعة: إعادة العضو المبان في حدّ:

والمسألة الرابعة: إذا أبين عضو رجل في حدّ شرعي , كالسرقة والحرابة , هل يجوز للمحدود أن يعيده إلى محله بعد استيفاء الحد , وهل يعتبر ذلك افتياتا على الحد الشرعي؟

وإن هذه المسألة لم أجدها في كلام الفقهاء , ولعل وجه ذلك أن إبانة العضو في الحد إنما يتصور في اليد أو الرجل , لأن الحد الذي يبان فيه عضو منت الأعضاء ينحصر في سرقة أو حرابة. والعضو المبان في كل واحد منهما يد أو رجل. ولعلّ الفقهاء لم يتصوروا إعادتها إلى محلّهما بعد الإبانة. والوضع لا يزال حتى الآن كما كان في مجال الجراحة ورزع الأعضاء , ولكنها لم ينجح إلى اليوم في إعادة هذه الجوارح إلى محلّها نجاحا كاملاً. وإن الأيدي والأرجل المزروعة , على ما تكلف من النفقات الباهظة , وتتطلب الجهد الشاق , لا تعمل عملها السابق , حتى أن الأعضاء المصنوعة من الخشب أو الحديد تفيد المريض أكثر بالنسبة إلى الأعضاء الأصلية المزروعة. وجاء في دائرة المعارف البريطانية:

" if the delicate sheaths containing the nerves are cut , however , as must happen if a nerve is partially or completely severed , regeneration may not be possible .

Even if regeneration occurs , it is unlikely to be Complete … defective nerve regeneration is the main reason why limb grafts usually are unsatisfactory . A mechanical artificial limb is likely to be of more value to the patient "( )

( إن قطع الغلاف النحيف الذي يحوي الأعصاب , كما يقع لزاماً حينما يبان عصب من الأعصاب كلا أو جزءاً , فإن نشأتها الثانية غير ممكنة. ولو نشأت من جديد , فإن كون النشأة كاملة معتذرة ... وإن هذا النقص في نشأتها الثانية هو السبب الأكبر في كون زراعة الجوارح غير ناجحة. والظاهر أن عضواً مكانيكياً مصنوعاً أكثر إفادة للمريض.

وذكر في محل آخر:

" Replacement of severed hands and arms has been tried in a few patients , and some of the results appear to have been worthwhile ; replacement of lower limbs seem much less justifiable the patient is likely to be better off with an artificial leg " ( )

( إن إعادة اليدين والعضدين المقطوعتين قد حولت في بعض المرضى , وإن بعض النتائج تبدو معتدة بها. ولكن يبدو أن المبرر لإعادة الجوارح السفلية – كالأرجل – أقل كثير , لأن المريض يكون أحسن حالة باستعمال رجل مصنوعة).

وقد راجعت بعض الأطباء الموثوق بهم فأيدوا هذا المعنى , وأكدوا أن إعادة اليد أو الرجل لا تكون ناجحة , ولما كانت إعادة اليد أو الرجل أمراً لا يقع , حتى في زماننا , فالبحث عن حكمه الشرعي بحث نظري بحت لا علاقة له بالواقع العملي , بخلاف مسألة القصاص , فإنه يمكن أن يبان فيه أي عضو من أعضاء اليدين بما فيها الأعضاء الممكن زرعها وإعادتها , فلا يخلو البحث فيها من فائدة عملية , ولذلك ذكرتها بشيء من البسط والتفصيل.

أما البحث عن مسألة العضو المقطوع في السرقة أو الحرابة فلا يتعلق بالواقع العملي , فالمناسب أن لا نخوض فيها قبل وقوعها وكان السلف يكرهون الخوض في مسائل لم تقع بعد , ويقولون (لا تعجلوا بالبلاء قبل نزوله).

ولذلك لا أرى البت في هذه المسألة حتى نشاهدها تقع عيناً , ولكني أريد أن أذكر الأصل الذي تبتنى عليه المسألة لو فرضنا أنها وقعت ليكون مساعداً في استخراج الحكم حينئذ.

وذلك أن المسألة لها منزعان:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير