تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

• أخرج مسلم في صحيحه (2\ 627 #908): من طريق حبيب (كثير الإرسال والتدليس) عن طاووس عن ابن عباس: أن النبي رسول الله ? صلى في كسوف ثمان ركعات في أربع سجدات.

\

قال الشيخ الألباني في إرواء الغليل (3\ 129): «ذكر الست ركعات شاذ. والصواب: أربع ركعات، كما في حديث عائشة الذي قبله، وروايةٍ عن جابر تقدمت قبله». وقال عن هذا الحديث: «ضعيفٌ، وإن أخرجه مسلم ومن ذُكِرَ معه وغيرهم». فذكر تدليس حبيب وعدم سماعه ثم قال: «وفيه علة أخرى وهي الشذوذ. فقد خَرّجتُ للحديثِ ثلاثَ طُرق أخرى عن ابن عباس، وفيها كلها: أربع ركعات وأربع سجدات. وفي هذه الطريق المعلة: ثماني ركعات. فهذا خطأٌ قطعاً».

وقال البيهقي في سننه سنن الكبرى (3\ 327) ما مختصره: «وأما البخاري فإنه أعرض عن هذه الروايات التي فيها خلاف رواية الجماعة. وقد روينا عن عطاء بن يسار وكثير بن عباس عن بن عباس عن النبي ? أنه صلاها ركعتين في كل ركعة ركوعان. وحبيب بن أبي ثابت –وإن كان من الثقات– فقد كان يدلس. ولم أجده ذَكَرَ سماعَهُ في هذا الحديث عن طاووس. ويحتمل أن يكون حمله عن غير موثوقٍ به، عن طاوس. وقد خالفه سليمان الأحول فوقفه». وقال ابن حبان في صحيحه (7\ 98) عن هذا الحديث: «ليس بصحيح، لأن حبيباً لم يسمع من طاوس هذا الخبر».

فهذا حديثٌ منقطع الإسناد، فإن حبيباً مدلّسٌ لم يسمع من طاووس. وقد أخرجه مسلم في الشواهد في آخر الباب، فليس هذا دليلٌ على تصحيحه. أما عن تصحيح الترمذي له، فإن الترمذي معروف بالتساهل حتى نقل الذهبي عن جمهور العلماء: عدم الاعتماد على تصحيح الترمذي. وقد أنكره ابن عدي في الكامل (2\ 407). بل إن الحديث مضطرب المتن والإسناد كذلك: بين الإرسال والوقف، كما بين ابن عبد البر في التمهيد (3\ 306)، وقال عن الحديث: «مضطربٌ ضعيف. رواه وكيع عن الثوري عن حبيب بن أبي ثابت عن طاووس عن النبي ? مرسَلاً. والثوري عن حبيب بن أبي ثابت عن ابن عباس لم يذكر طاووساً. ووقفه ابن عيينة عن سليمان الأحول عن طاووس عن ابن عباس من فعله ولم يرفعه. وهذا الاضطراب يوجب طرحه». والحديث شاذٌ منكر المتن كذلك. فإن الثابت عن ابن عباس أن صلاة الكسوف أربع ركعات في أربع سجدات، وليس ثمان ركعات! وقد صح هذا عن غير ابن عباس من الصحابة.

هذا وقد أثبتت الحسابات الفلكية الحديثة أنه لم يحدث خسوف أثناء حياة رسول الله ? بعد الهجرة إلا مرتين: الأولى في السنة الخامسة للهجرة، والثانية في السنة العاشرة. وقد حدثت في يوم الإثنين 29 شوال من السنة العاشرة حوالي الساعة العاشرة صباحاً. وانظر موقع الدكتور الفلكي خالد شوكت: moonsighting.com/eclipses.html لمزيد من التفصيل. ومن تأمل طرق الحديث يجد أن التي في الصحيح تتحدث كلها عن الواقعة الثانية التي مات فيها إبراهيم بن محمد ?. وهذا أثبته البيهقي في سننه الكبرى (3\ 326). ومعلومٌ أن إبراهيم لم يمت إلا مرة واحدة! فلا يمكن أن تكون كل هذه الروايات المتعددة صحيحة كلها لأن التعارض بينها واضحٌ جداً يدركه كل عاقل.

وأصح الروايات أن الرسول ? قد صلى ركعتين فقط: في كل ركعة ركوعين وسجدتين. فالحاصل هو أربع ركعات وأربع سجدات. أي صلاة الخسوف، كل ركعة فيها ركوعين، لا ركوع واحد كما في باقي الصلوات. وقد نقل الترمذي في العلل (ص97) عن البخاري قوله: «أصح الروايات عندي في صلاة الكسوف: أربع ركعات في أربع سجدات».

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى الكبرى (18\ 17) في حديثه عن الأحاديث الضعيفة في صحيح مسلم: «ومثل ما روى مسلم أن النبي صلى الكسوف ثلاث ركعات وأربع ركعات. انفرد بذلك عن البخاري. فإن هذا ضعّفه حُذّاق أهل العلم. وقالوا أن النبي لم يصل الكسوف إلا مرةً واحدةً يوم مات ابنه إبراهيم. وفي نفس هذه الأحاديث التي فيها الصلاة بثلاث ركعات وأربع ركعات، أنه إنما صلى ذلك يوم مات إبراهيم. ومعلوم أن إبراهيم لم يمت مرتين، ولا كان له إبراهيمان! وقد تواتر عنه أنه صلى الكسوف يومئذ ركوعين في كل ركعة، كما روى ذلك عنه عائشة وابن عباس وابن عمرو وغيرهم. فلهذا لم يرو البخاري إلا هذه الأحاديث. وهذا حذف من مسلم. ولهذا ضعَّف الشافعي وغيره أحاديث الثلاثة والأربعة، ولم يستحبوا ذلك. وهذا أصح الروايتين عن أحمد. ورُوِيَ عنه أنه كان يجوّز ذلك قبل أن يتبين له ضعْف هذه الأحاديث». قلت: ومالك لم يخرج في موطأه (2\ 186) إلا الأحاديث الصحيحة.

• وأخرج مسلم في الشواهد (2\ 623) عن عبد الملك عن عطاء عن جابر: أن النبي رسول الله ? لما كسفت الشمس صلى ست ركعات بأربع سجدات. حكم عليه الألباني بالشذوذ في إرواء الغليل (3\ 127)، فقال: «وعبد الملك (بن أبي سليمان) هذا فيه كلام من قبل حفظه. وقد رواه هشام الدستوائي عن أبي الزبير عن جابر نحوه. وفيه فكانت: أربع ركعات وأربع سجدات. فخالفه في قوله: ست ركعات. وهو الصواب». وقد تكلم عليه ابن عبد البر كذلك. حيث أنه منكر المتن، علاوة على مخالفته لما أخرجه مسلم عن جابر في الأصول (#904) (إن صح سماعه) أن صلاة الكسوف كانت أربع ركعات وليس ستة.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير