لاشك أن الإمام الطبري رحمه الله تعالى إمام من أئمة أهل السنة والجماعة فقد قال عنه الخطيب البغدادي:
(كان أحد أئمة العلماء يحكم بقوله , ويرجع إلى رائه لمعرفته وفضله وكان قد جمع من العلوم مالم يشاركه فيه أحد من أهل عصره) (3).
وقال مؤرخ الإسلام الحافظ أبو عبد الله الذهبي:
(الإمام الجليل المفسر أبوجعفر صاحب التصانيف الباهرة ...... من كبار أئمة الإسلام المعتمدين) (4).
وقال ابن كثير:
( .... بل كان أحد أئمة الإسلام علماً وعملاً بكتاب الله وسنة رسوله) (5).
يتبين من خلال كلام هؤلاء العلماء الجبال أن الطبري رحمه الله من أئمة الإسلام المعتمدين ومن أهل السنة والجماعة وهو بعيد كل البعد عن هذه التهمة.
و أما عن الأمور التي نقمت وشغب بها عليه فيقال فيها ويجاب عنها بما يأتي:
أولاًً: تصنيفه في فضائل علي رضي الله عنه.
هذا ليس دليلاً على تشيعه وذلك أن أهل السنة والجماعة يقرون بفضله رضي الله عنه وإمامته وأنه رابع الخلفاء الراشدين وله من الفضائل والمناقب الشيء الكثير الذي لا يكاد يخلو منه كتاب من كتب السنة.
ثم إنه رحمه الله صنف كتابا ًمن فضائل أبي بكر وعمر رضي الله عنهما وهذا مالا تصنفه الروافض.
ثانياً: تصحيحه لحديث غدير خم وجمعه للروايات والأسانيد فهي من ناحية حديثية بحتة, ولا يلزم من تصحيحه للحديث إن يكون شيعياً رافضياً.
قال ياقوت:
(كان قد قال بعض الشيوخ ببغداد بتكذيب خبر غدير خم، وقال: إن علي ابن أبي طالب كان باليمن في الوقت الذي كان الرسول صلى الله عليه وسلم بغدير خم .... وبلغ أبا جعفر ذلك، فابتدأ الكلام في فضائل علي بن أبي طالب؛ وذكر طرق حديث غديرخم)
قال ابن كثير: (رأيت له كتاباً جمع فيه أحاديث غديرخم في مجلدين) (6).
ثالثاً: أما ما كتبه محمد بن داود الظاهري في الرد على ابن جرير الطبري فهو مجرد دعوه مفتقرة إلى الدليل, ثم إن كلام الأقران يطوى ولا يروى وينبغي أن يتأنى فيه وينظر ويتمهل سيما إذا لم يوافقه غيره فيه.
رابعاً: أن ابن جرير الطبري رحمه الله قد وفقه أحد علماء الرافضة باسمه واسم أبيه وكنيته ولقبه ومعاصرته وكثرة تصانيفه.
قال الذهبي رحمه الله:
(أقذع أحمد بن علي السليماني الحافظ , فقال: كان يضع للروافض , كذا قال السليماني, وهذا رجم بالظن الكاذب , بل ابن جرير من كبار أئمة الإسلام المعتمدين , وما ندعي عصمته من الخطأ , ولا يحل لنا أن نؤذيه بالباطل والهوى , فإن كلام العلماء بعضهم في بعض ينبغي أن يتأنى فيه , لا سيما في مثل إمام كبير , فلعل السليماني أراد الآتي) (7). ويقصد بالآتي أبو جعفر محمد بن جرير ابن رستم الطبري قال الذهبي عنه: (رافضي له تواليف, منها كتاب الرواة عن أهل البيت رماه بالرفض عبدالعزيز الكتاني).
قال ابن حجر في لسان الميزان معلقا على كلام الذهبي:
(ولو حلفت أن السليماني ما أراد إلا الآتي لبررت , والسليماني حافظ متقن كان يدري ما يخرج من رأسه فلا أعتقد أن يطعن في مثل هذا الإمام بهذا الباطل) (8).
وقد كان ابن رستم هذا يقول بقول الشيعة في مسح الأرجل في الوضوء فنسب خطأً إلى صاحبنا الطبري.
خامساً: أما روايته عن ابن مخنف فقد بين رحمه الله في مقدمة تاريخه موقفه من رواية أبي مخنف وغيره.
فقال رحمه الله:
(وليعلم الناظر في كتابنا هذا أن اعتمامه في كل ما أحضرت ذكره مما شرطت اني راسمه فيه، أنما هو على ما رويت من الأخبار التي أنا ذاكرها فيه والآثار التي أنا مسندها إلى روايتها فيه ..
إلى إن قال:
فما يكن في كتابي هذا من خبر ذكرناه عن بعض الماضين مما يستنكره قارئه , أو يستشنعه سامعه من أجل أنه لا يعرف له وجهاً من الصحة , ولا معنىً من الحقيقة , فليعلم أنه لم يؤت في ذلك من قبلنا , وإنما أتي من قبل بعض ناقليه إلينا , وإنا إنما أدينا ذلك على نحو ما أدي إلينا) (9)
ويضاف إلى هذا أن منهج عدداً من المحدثين الرواية عن بعض المهتمين والجاهيل والضعفاء لعرف حالهم وحال مروياتهم.
رابعاً: أقوال العلماء في عقيدتة:
(1) أبو القاسم اللالكائي:
¥