ـ[العطار]ــــــــ[13 - 12 - 03, 05:51 م]ـ
يقول الشيخ القرضاوي في كتابه (الشيخ الغزالي كما عرفته)
ومما أُخِذَ على فقه الغزالي قوله بأن دِية المرأة مثل دِية الرجل، وحجته: أن الدِّية في القرآن واحدة للرجل والمرأة، والزعم بأن دم المرأة أرخص، وأن حقَّها أهون: زعم كاذب مخالِف لظاهر الكتاب العزيز. فإن الرجل يُقتَل في المرأة، كما تُقتَل المرأة في الرجل، فدمهما سواء باتفاق، فما الذي يجعل دِية دون دِية؟
ويمكن للشيخ أيضا أن يستدلَّ بحديث: "في النفس مائة من الإبل" ولم يُفرِّق بين رجل وامرأة.
والذين ردُّوا على الشيخ الغزالى انتقدوه بأمرين:
1ـ أنه خالَفَ الحديث الذي ذكر أن دِية المرأة نِصْف دِية الرجل.
2ـ وأنه خالَفَ إجماع الفقهاء.
وهذا النقد ضعيف لأمرين:
الأول: أن الحديث في تنصيف دية المرأة لم يَصِحَّ عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقد جاء عن معاذ بن جبل، وقال البيهقي: إسناده لا يثبت مثله. . وجاء عن على بن أبى طالب، وفيه انقطاع. وليس في الصحيحين ولا في أحدهما شيء من ذلك البتة.
الثاني: أن الإجماع لم ينعقد في هذه القضية، فقد خالَف الأصم وابن علية، كما ذكر الشوكاني (انظر: نيل الأوطار: 7/ 224ـ227، ط دار الجيل، بيروت).
هذا وقد علَّل بعض الفقهاء المعاصرين ومنهم شيخنا الكبير الأستاذ مصطفي الزرقا ـ بأن الدية تعتبر تعويضًا عن مفقود، وفي العِوَض يُلاحَظ التكافؤ، فقتل الرجل خسارة للأسرة أفدح من مقتل المرأة.
ولكن هذا يرد عليه بأن الشارع سوَّى في الدية بين الرجل الراشد والطفل الرضيع، رغم أن الخسارة بفقدهما ليستْ واحدة ولا متساوية، وكذلك سوَّى بين العالِم الكبير والأُمِّيِّ، وبين التقي الصالح والشرير الخبيث؛ لأن نظر الشارع هنا إلى النفس الإنسانية فحسب، وقيمتها كما في القرآن: (أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نفسًا بغيرِ نَفْسٍ أو فسادًا في الأرضِ فكأنَّما قَتَلَ الناسَ جميعًا) (المائدة:32).
كل ما يُؤخَذ علَى الشيخ هنا قوله: وأهل الحديث يجعلون دية المرأة على النصف من دية الرجل، وهذا سوأة فكرية وفقهية رفضها الفقهاء المُحقِّقون!
فالواقع أن معظم الفقهاء يقولون بذلك وليس أهل الحديث وحدهم، وكان ينبغي التعبير بلفظ أخفّ وألطف من لفظ (السوأة) فإنما هو اجتهاد ممَّن قاله، يحتمل الصواب والخطأ، وقائله مأجور عليه، وإن كان أخطأ فيه، كما هو معلوم.
ـ[بندار]ــــــــ[15 - 12 - 03, 01:08 ص]ـ
بارك الله فيكم جميعاً
ليت الإخوان يتحفوننا للاستزادة
ـ[أبو خالد السلمي]ــــــــ[15 - 12 - 03, 08:18 م]ـ
الأصم المعتزلي
لا يذكر اسمه في كتب الفقهاء إلا تعجباً من حاله وتندرا به حيث لا يرد اسمه إلا عندما يقال أجمع العلماء على كذا ولم يخالف إلا الأصم!
ولولا شذوذه وخرقه للإجماعات لما سمع به أحد!
فهو سائرٌ على قاعدة " خالف تعرف ".
حتى قال عنه إمام الحرمين أبو المعالي الجويني: " وهذا الرجل لا يسمى إلا عند مخالفة الإجماع والانسلال من ربقة الهدى والاتباع "
ومن كانت هذه حاله فلا يليق بعالم ولا بطالب علم الاتكاء عليه واتخاذ أقواله ذريعة للشذوذ وخرق الإجماع.
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[16 - 12 - 03, 03:32 ص]ـ
تصديقاً لكلام شيخنا وليد وفقه الله أقول:
قال ابن حزم في (مراتب الإجماع): (وصفة الإجماع هو ما يتيقن أنه لا خلاف فيه بين أحد من علماء الإسلام، وإنما نعني بقولنا "العلماء": من حفظ عنه الفتيا من الصحابة والتابعين وتابعيهم وعلماء الأمصار، وأئمة أهل الحديث ومن تبعهم، رضي الله عنهم أجمعين. ولسنا نعني أبا الهذيل ولا ابن الأصم ولا بشر بن المعتمر ولا إبراهيم بن سيار ولا جعفر بن حرب ولا جعفر بن مبشر ولا ثمامة و لا أبو عفان و لا الرقاشي، ولا الأزارقة والصفرية، ولا جُهّال الإباضية، ولا أهل الرفض. فإن هؤلاء لم يعتنوا من تثقيف الآثار ومعرفة صحيحها من سقيمها، ولا البحث عن أحكام القرآن لتمييز حق الفتيا من باطلها بطرف محمود، بل اشتغلوا عن ذلك بالجدال في أصول الاعتقادات. ولكل قوم علمهم) اهـ.
ـ[أبو حسن الشامي]ــــــــ[16 - 12 - 03, 04:07 ص]ـ
جزاك الله كل خير شيخنا ابن الأمين على هذه الدرر ... فلقد نقضت عرى العقلانيين في هذه المسألة ودككت عليهم حصونهم ...
ـ[المستملي]ــــــــ[16 - 12 - 03, 11:42 م]ـ
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ... أما بعد:- هذه الفائدة أكتبها من قبيل الاستطراد بذكر شيء مما وقفت عليه من واقع التطبيق العملي في أن دية المرأة على النصف من دية الرجل , وقد كنت أتعجب من قصة وردت عن عمر رضي الله عنه مفادها: " أنه قضى في رجل ضرب رجلاً فذهب سمعه وبصره ونكاحه وعقله بأربع ديات والرجل حي " كما ذكر ذلك الإمام أحمد رحمه الله وكذا رواه البيهقي وغيره. وإنما عجبت منها لأن المجني عليه استحق أكثر من دية نفسه لو مات من ذلك الضرب , وهذا من تكريم الإسلام للنفس البشرية وعنايته بها , وفي إحدى القضايا التي وقفت عليها حكم لمرأة بثمان ديات وهي لازالت على قيد الحياة , وكانت خلاصة القضية أن المدعية كانت تعاني من اعوجاج بالحاجز الأنفي وأثناء إجراء العملية لتصحيح هذا الإعوجاج , توقف القلب بسبب نقص الأكسجين عن الدماغ مما أدى إلى دخولها في غيبوبة تامة أفاقت بعدها وهي تعاني من فقدان 1 - منفعة الكلام , 2 - والأكل , 3 - والشراب , 4 - والشم , 5 - ومنفعة اليدين , 6 - والرجلين , 7 - والتحكم بالبول , 8 - والغائط , 9 - وفقدان نصف حاسة السمع , 10 - وثمانين بالمائة من العقل فبلغ مجموع دياتها (465,000) ألف ريال.
وإنما ذكرت هذه الواقعت وإن لم تكن في صلب موضوع البحث إلا أنها كما ذكرت من باب الاستطراد بذكر شيء من اللطائف في الواقع العملي في دية المرأة.
¥