بدأ هذا المشروع في عام 1407هـ عندما عزمت على تأدية مناسك الحج حيث كانت أولَ حِجَّةٍ لي فأردتُ أَن أتمثَّل طريقةَ عبدِاللهِ بِن عُمَرَ رضي الله عنهما في اتِّباع سنةِ النبيِ صلّى اللُه عليهِ وسلَّمَ فرجعْتُ إِلى النبعِ الصافي في وصفِ حِجَّتِهِ صلَواتُ اللهِ وسلامُهُ عليهِ في الصحيحينِ البخاريِ ومسلمٍ وهنالك أدهشني التكرارُ الكثيرُ للمتونِ والأسانيدِ فَقُذِفَ في قلبي أن أقومَ بجمعِ رواياتِ الأحاديثِ وفصلِ السندِ عن المتنِ ثمّ اختيارُ متنِ واحدِ وحشوِهِ بزياداتِ الرواةِ واختلافِ ألفاظِهِم مَعَ التنبيهِ على حُكْمِ المتْنِ الأَساس وحكمِ كلِّ زيادةٍ أو اختلافٍ تلكَ كانتِ البدايةُ.
ثم تطوَّر الأمرُ رويداً رويداً إلى فكرةٍ طموحةٍ دَعَمَتْها رؤىً لي ولآخرين من إخواني حتى أصبحت خطةً محكمةً استغرقَ نضجُها خمسَ سنواتٍ بعدَها أعددْنا رسالةَ التعريفِ بالمشروعِ والخطواتِ التفصيليةِ لتنفيذِهِ والتي عرضْنَاها على المؤسساتِ العلميةِ وأهلِ الاختصاصِ في مشارقِ الأرضِ ومغاربِها فكانَ التجاوبُ العلميُ رائعاً والدعاءُ بالنجاحِ موصولاً.
وبدأنا العمل في هذا المشروعِ الحضاريِ الضخمِ آملينَ إنهاءَ مرحلةٍ طويلةٍ في تاريخِ الأمة تمثلت في جمع وتنظيمِ وفِهرسة المعلوماتِ الحديثيةِ التي تستغرقُ مِنَ الباحثِ نصفَ وقتهِ إِن لم يكُنْ أكْثَرَ.
صرفْنا أموالَنا وأمْوالَ أزواجِنا وإِخوانِنَا وأقارِبِنا وأصحابِنا -بارك الله فيهم- لعل أثرياءَ المسلمينَ أو المؤسساتِ المختصةَ تستشعرُ جَدِّيةَ الأمرِ فترفُدَ المشروعَ مالياً وعلمياً فقدَّم البعضُ تبرعاً رمزياً وخشي البعض الآخر من تكرار تجارب لم ترَ جهودُها النورَ.
وتوكلَّنا على اللهِ سبحانه وتعالى غير آبهين بالصعوباتِ والتوجُّساتِ فتوصَّلْنا بتوفيقِ اللهِ عزَّ وجلَّ إلى مراحلَ متقدمةٍ من تطويعِ قدراتِ الحاسبِ الآلي لخدمةِ السنةِ النبويةِ المشرَّفةِ وعرضنا ما توصلنا إليهِ على كثيرٍ من المهتمين في أكثرِ منِ دولةٍ إلا أنَّ التجاوبَ العمليَ لم يكنْ بمستوى التجاوبِ النظريِ.
وقد شارفنا بفضلِ الله تباركَ وتعالى على تحقيقِ ما يلي:
1 - التخريجُ الآليُ الدقيقُ بما فيه من تحديدٍ للشواهدِ والمتابعاتِ والفروقِ والزيادات وما سيراه المستخدمُ في بندِ التخريجِ في هذا الإصدارِ هو أولُ الغيثِ ثمَّ ينهمرُ بإذنِ الله تعالىْ.
2 - تحديدُ الحديثِ القوليِ والفعليِ منْ أحاديثِ النبيِ صلى اللهُ عليهِ وسلَّم والمقطوعِ والمرفوعِ والمرسلِ والحديثِ القدسيِ والآيةِ القرآنيةِ كُلُ ذَلكَ آليَّاً.
3 - تمييزُ الرواةِ في السندِ آلياً.
4 - وضعُ تفاصيلَ برامجِ الحُكْمِ الآلِي على الأسانيدِ والمتونِ وتحديدِ الانقطاعِ بينَ الرواةِ والتدليسِ وكشفِ العللِ والشذوذِ وسنبدأ بتطبيقِ هذهِ البرامجِ قريباً ولن تخرُجَ نتائجُها إِلاَّ بعد عرضِهَا على العلماءِ ليقولوا كلمتَهم الأخيرةَ وليشهدوا فضلَ اللهِ على الناس.
5 - استخراجُ ترجمةِ الراويْ مِنْ كلِّ كتبِ الرجالِ وعملِ بطاقةٍ تعريفيةٍ شاملةٍ بكلِّ راوٍ مستمدةٍ من هذه الكتبِ ومنْ كتب المتونِ دونَ تكرارٍ.
6 - رَسْمُ شجرةِ الإسنادِ لُطرقِ الحديثِ الواحدِ - باعتبارِ صاحبِ المتنِ ومنْ غيرِ اعتبار- آليا.
7 - جهود بحثيةٌ متقدمةٌ أشرفنا فيها على إعدادِ محللٍّ صرفي ووضعْنا اللبناتِ الأساسيةِ لصُنْع: مُشَكِّلٍ للكلمات ومدقِّقٍ نَحْويٍ ومحلِّلٍ دلالي كلُّ ذلك باستخدام برامج الحاسب الآلي وذلكَ في بيئةِ الحديثِ النبوي الشريف وعلومه.
وكنا نعجبُ من أثرياءِ المسلمينَ فكلما حقّقنا نجاحاً وأطلعناهُمْ عليهِ ازدادَ توجسُهُمْ إلا مِنْ بعضِ التجاوبِ فوصلْنا إلى مفترقِ طُرِقٍ إما أن ينهارَ هذا العملُ وإما أن نجد مخرجاً.
¥