تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[الدرر البهية في أسماء أهل السنة الشرعية]

ـ[أبو حميد الفلاسي]ــــــــ[13 - 12 - 03, 01:48 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أما بعد:

إن أهل السنة والجماعة يفارقون أهل البدع، ويتميزون عنهم، في أنهم ليس لهم اسم يعرفون به، ولا لقب، أو رمز، يميزهم عن غيرهم إلا الإسلام وما دل عليه.

ولا ينتمون لشخص بالغاً ما بلغ، يجعلونه قدوتهم في كل شيء إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قال الإمام مالك: " أهل السنة ليس لهم لقب يعرفون به، لا جهمي ولا قدري، ولا رافضي " (1).

وقد كان السلف يحذرون من التسمي بغير الإسلام ويشددون في ذلك:

فعن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: " من أقر باسم من هذه الأسماء المحدثة فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه " (2).

وكان السلف يحذرون ذلك التحذير البالغ من خطورة الانتساب إلى غير الإسلام والسنة، نجدهم يقرنون القول بالعمل، مطبقين ذلك في حياتهم في عدم رضاهم أن ينسبوا لغير الإسلام، وغير رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: " قال لي معاوية رحمة الله عليه أنت على ملة علي رحمة الله عليه؟ قلت: لا، ولا على ملة عثمان، أنا على ملة رسول الله صلى الله عليه وسلم " (3).

وإن للمسلمين اليوم لأسوة حسنة، في حرص هؤلاء الرجال على دينهم وخشيتهم على أنفسهم من الفتنة، في الانتساب إلى غير رسول الله صلى الله عليه وسلم من الرجال. حتى ولو كان هذا الانتساب إلى واحد من كبار أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد خلفائه الراشدين، الذين أخبر أنهم على الحق والهدى، وأمر باتباع سنتهم والاهتداء بهديهم. فلله در ابن عباس وسائر سلف الأمة الصالح ما أفقههم في دينهم وما أشد تمسكهم به. رضوان الله عليهم أجمعين.

وما زال علماء السنة أهل العلم والهدى، والدين والتقى، على مختلف عصورهم، يحذون حذو سلفهم الصالح في تطبيق ذلك المنهج في عدم الانتساب لغير الإسلام محذرين المسلمين من خطورة مخالفته.

وفي ذلك يقول شيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله: " وكذلك التفريق بين الأمة وامتحانها بما لم يأمر الله به ولا رسوله: مثل أن يقال للرجل: أنت شكيلي، أو قرفندي ".

فإن هذه أسماء باطلة ما أنزل الله بها من سلطان، وليس في كتاب الله ولا سنة رسول صلى الله عليه وسلم، ولا في الآثار المعروفة عن سلف الأمة لا شكيلي ولا قرفندي.

والواجب على المسلم إذا سئل عن ذلك أن يقول: لا أنا شكيلي ولا قرفندي بل أنا مسلم متبع لكتاب الله وسنة رسوله.

وبهذا يعلم خطورة ما انتشر بين المسلمين في هذا العصر: من أحزاب وجماعات، وضعت لها أسماء وألقاب ومناهج ورسوم وطقوس تميز كل طائفة عن الأخرى. وأصبح لكل طائفة دعاة وأنصار وأتباع، يوالون من والى هذه الجماعة وانتسب إليها، وينفرون بل يعادون كل من عارضها ولم يدخل تحت لوائها.

بل وصل الأمر ببعضهم إلى موالاة أهل البدع كالرافضة والخوارج والباطنية والصوفية وغيرهم من أهل البدع لانتسابهم للجماعة التي ينتسبون إليها في حيث أنهم يعادون أهل السنة لعدم انتسابهم إليهم ورضاهم بصنيعهم. وهؤلاء على خطر عظيم إن لم يرجعوا إلى مظلة أهل السنة والجماعة وينبذوا تلك التحزبات ويعقدوا الولاء والبراء فقط على العقيدة الإسلامية (عقيدة أهل السنة والجماعة).

ولما نشأت البدع في الإسلام، وتعددت فرق الضلال، وأخذ كل يدعو إلى بدعته وهواه - مع انتسابهم في الظاهر إلى الإسلام - كان لابد لأهل الحق وأصحاب العقيدة الصحيحة، التي ترك النبي صلى الله عليه وسلم الأمة عليها، من غير أن تشوبها شائبه، أو تدخل عليها داخلة، من هوى أو ابتداع: أن يعرفوا بأسماء تميزهم عن أهل الابتداع والانحراف في هذه العقيدة فظهرت حين ذلك أسماؤهم الشرعية المستمدة من الإسلام.

فمن أسمائهم: أهل السنة والجماعة - الفرقة الناجية - الطائفة المنصورة - السلف.

وما اشتهر لأهل السنة من هذه الأسماء لا ينافي ما سبق تقريره من أنهم ليس لهم اسم أو لقب يعرفون به إلا الإسلام، لأن هذه الأسماء دالة على الإسلام.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير