تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وأيضاً فيقال: إن فاطمة رضي الله عنها إنما عظم أذاها لما في ذلك من أذى أبيها، فإذا دار الأمر بين أذى أبيها، وأذاها؛ كان الاحتراز عن أذى أبيها، أوجب، وهذا حال أبي بكر، وعمر؛ فإنهما احترزا عن أن يوذيا أباها، أو يريباه بشيء، فإنه عهد عهداً، وأمر بأمر، فخافا إن غيرا عهده، وأمره: أن يغضب لمخالفة أمره وعهده، ويتأذى بذلك، وكل عاقل يعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حكم بحكم، وطلبت فاطمة، أو غيرها ما يخالف ذلك الحكم؛ كان مراعاة حكم النبي صلى الله عليه وسلم أولى، فإن طاعته واجبة، ومعصيته محرمة، ومن تأذى لطاعته؛ كان مخطئاً في تأذيه بذلك، وكان الموافق لطاعته مصيباً في طاعته، وهذا بخلاف من آذاها لغرض نفسه، لا لأجل طاعة الله ورسوله، ومن تدبر حال أبي بكر في رعايته لأمر النبي - صلى الله عليه وسلم- وأنه إنما قصد طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم، لا أمرا آخر، يحكم أن حاله أكمل وأفضل وأعلى من حال على رضي الله عنهما، وكلاهما سيد كبير، من أكابر أولياء الله المتقين، وحزب الله المفلحين، وعباد الله الصالحين، ومن السابقين الأولين، ومن أكابر المقربين الذين يشربون بالتسنيم، ولهذا كان أبو بكر رضي الله عنه يقول: ((والله لقرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب إلى أن أصل من قرابتي) وقال: ((ارقبوا محمدا صلى الله عليه وسلم في أهل بيته)) رواه البخاري عنه.

لكن المقصود: أنه لو قدر أن أبا بكر أذاها؛ فلم يؤذها لغرض نفسه؛ بل ليطيع الله ورسوله، ويوصل الحق إلى مستحقه، وعلي رضي الله عنه كان قصده أن يتزوج عليها، فله في أذاها غرض، بخلاف أبي بكر.

فعلم أن أبا بكر كان أبعد أن يُذَمَّ بآذاها من علي، وأنه إنما قصد طاعة الله ورسوله بما لاحظ له فيه، بخلاف علي؛ فإنه كان له حظٌ فيما رابها به، وأبو بكر كان من جنس من هاجر إلى الله ورسوله، وهذا لا يشبه من كان مقصوده امرأة يتزوجها.

والنبي صلى الله عليه وسلم يؤذيه ما يؤذي فاطمة إذا لم يعارض ذلك أمر الله تعالى، فإذا أمر الله تعالى بشيء فعله، وإن تأذى من تأذى من أهله، وغيرهم وهو في حال طاعته لله يؤذيه ما يعارض طاعة الله ورسوله".

انتهى ما أردت نقله من المنهاج مما يخص العبارة نفسها، وإلا فإن في ثنايا الكلام عبارات كثيرة تصلح أن تكون شاهداً على المنهج الذي اختطه أبو العباس لنفسه في هذا الكتاب.

وأنت إن طبقت القاعدة التي اختطها لنفسه أبو العباس في المناظرة والتعليم؛ وجدتها ماثلة أمامك لا خفاء فيها!

فالرافضي الخبيث الذي أراد الطعن في أبي بكر الصديق – رضي الله عنه – لمنعه إعطاء فاطمة – رضي الله عنها – أرض فدك؛ بأنه آذى بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم -!!

فناقضه أبو العباس – رحمه الله – مناقضة مفحمة!! وبين له أنه إن عُدت طاعة الله تعالى في منع منح فاطمة رضي الله عنها أرض فدك لقوله صلى الله عليه وآله وسلم -: ((إنا معاشر الأنبياء لا نورث، ما تركناه صدقة)).

فإن رغبة علي رضي الله عنه لطلب أمر مباح – وهو التزوج بابنة أبي جهل – وهو يؤذي فاطمة بلا ريب؛ إيذاء لها من باب أولى، ويعتبر الحديث في حقه – رضي الله عنه – أحرى!!

كيف وأبو بكر – رضي الله عنه – منعها طاعة لله ولرسوله.

وعلي – رضي الله عنه – أراد الزواج لغرض نفسه، مما فطره الله عليه!

ولا شك أن الحديث لا ينطبق على أحد منهما، ولكن إن أصر المعاند على القدح بأبي بكر – رضي الله عنه – من هذا الباب؛ فإن القدح في علي – رضي الله عنه – فيه من باب أولى!!

فانظر إلى هذا الإفحام، والإلزام الذي لا ينفك من أبتلي بشبه الروافض: إن أنعم النظر: أن يُسلم به، ويعض عليه بالنواجذ!!

وتكون تلك المنافضة: أنفع له من مجرد التكذيب؛ لأن المعاند لا يُسلم بمصادر أهل السنة، ورواياتهم، بل هو يطعن في كتاب الله، فضلاً عن دواوين أهل السنة المعتبرة؛ كالصحيحين.

آمل أن يكون هذا البيان فاتحة خير في تتبع جميع ما نقله الحافظ ابن حجر – رحمه الله – في هذا الباب، ليظهر عوار من أراد الطعن بأبي العباس بمثل هذه الترهات، التي نقلها الحافظ؛ شأنه شأن كل مترجم، أن يذكر ما قيل في صاحب الترجمة، وما نُسب له.

ولو أننا كنا نتمنى أن يحقق الحافظ في تلك المقالات كعادته، ولكن لله في ذلك حكمة، والله أعلم , وأحكم.

أبو خالد العُمري

ـ[جليس العلماء]ــــــــ[10 - 07 - 02, 10:44 م]ـ

كنت آمل من الإخوة الأفاضل إثراء الموضوع، ومحاولة الإجابة على جميع الطعون المذكورة في ترجمة أبي العباس في الدرر الكامنة.

ـ[ابن وهب]ــــــــ[10 - 07 - 02, 10:52 م]ـ

موضوع ممتاز

وجزاك الله خيرا

وكلامك صحيح

بارك الله فيك

وجعل الجنة مثواك

ـ[هيثم حمدان]ــــــــ[10 - 07 - 02, 11:19 م]ـ

أحسنت أحسنت أحسنت.

فقد كنتُ أريد البحث في شبهة (الأحباش) هذه.

فجزاك الله خيراً أن وفّرتَ علينا الجهد والوقت.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير