فلم يجد عمر بداً من هدمها، ولما شرعوا في الهدم صاح الأشراف ووجوه الناس من بني هاشم وغيرهم، وتباكوا مثل يوم مات النبي (صلى الله عليه وسلم)، وأجاب من له ملك متاخم للمسجد للبيع فاشترى منهم، وشرع في بنائه وشمر عن إزاره واجتهد في ذلك، وأرسل الوليد إليه فعولاً كثيرة، فأدخل فيه الحجرة النبوية - حجرة عائشة - فدخل القبر في المسجد، وكانت حده من الشرق وسائر حجر أمهات المؤمنين كما أمر الوليد، وروينا أنهم لما حفروا الحائط الشرقي من حجرة عائشة بدت لهم قدم فخشوا أن تكون قدم النبي (صلى الله عليه وسلم) حتى تحققوا أنها قدم عمر رضي الله عنه، ويحكى أن سعيد بن المسيب أنكر إدخال حجرة عائشة في المسجد - كأنه خشي أن يتخذ القبر مسجداً - والله أعلم.) انتهى من البداية والنهاية.
فإذن نخلص للآتي:
- نصح أهل العلم عمر بن عبدالعزيز بترك الحجر على حالها وعدم هدمها استبقاء لآثار النبي صلى الله عليه وسلم وعبرة لمن يأتي من أجيال ليروا عيش نبيهم الكريم وزهده لا إنكارا لإدخال القبر في المسجد واعتبارا له من الأفعال الشركية كما يريد ابن باز والوهابية أن يوهمونا: (وتركها على حالها أولى لينظر إليها الحجاج والزوار والمسافرون، وإلى بيوت النبي (صلى الله عليه وسلم) فينتفعوا بذلك ويعتبروا به، ويكون ذلك أدعى لهم إلى الزهد في الدنيا)
- صاح الأشراف وبنو هاشم بكاء على آثار النبي وحنينا إليها ولو كان الوهابية هنالك ذلك اليوم لضربوهم بالسياط معتبرين ذلك من النواح ومن تعظيم آثار لا تضر ولا تنفع وذلك شرك فسبحان الله!!!!!
- الذي أنكر ادخال القبر في المسجد هو سعيد بن المسيب فقط وليس كل (اهل العلم) كما يريد لنا شيخ الوهابية أن نظن وهذا اجتهاد منه رضي الله عنه وإنكاره هذا إنما هو خشية أن يأتي جاهل فيصلي إلى القبر ويتحذه مسجدا مما يعني أنه كان يرى أن هذا الإدخال يجعل القبر فعلا جزء من المسجد وداخله حسب رؤية سعيد بن المسيب بخلاف ما يزعم الوهابية من أن القبر مفصول بجدر تفصله فتأمل.
فالذي أنكر هو سعيد بن المسيب فقط، وروى ذلك بن كثير بصيغة تمريض فقال (ويحكى) أي أن إنكاره غير محقق وغير ثابت حصوله، وذلك في مقابلة موافقة الفقهاء العشرة البقية كلهم المتحقق والثابت حصولها بالاضافة إلى إشراف الخليفة الراشد عمر بن عبدالعزيز بنفسه على الأمر فلم يبق لرأي سعيد بن المسيب رضي الله عنه إن صح الخبر عنه مقام ولا وجاهة.
فليست المسالة كما ترمي اخى الحبيب فانا من حقي ان اخذ براي عمر بن عبد العزيز وليس راي من يتهمه
وان كان عمل الوليد ليس فيه حجة فعمل عمر بن عبد العزيز فيه حجة عندي
انتهى
ـ[السدوسي]ــــــــ[19 - 11 - 04, 02:06 م]ـ
احتج هذا الصوفي - لجهله بفعل عمربن عبدالعزيز - وغفل عن الاحتجاج بفعل الامامين الجليلين عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان عندما وسعا المسجد ولم يدخلا القبر فيه.
مما ينبغي التنبيه له أن القبة الخضراء على قبره من بدع المماليك فقد ذكروا أن قلاوون هو أول من ابتدعها.
ـ[أبو عبد الرحمن الشهري]ــــــــ[19 - 11 - 04, 04:44 م]ـ
البداية والنهاية
وذكر ابن جرير أنه في شهر ربيع الأول من هذه السنة قدم كتاب الوليد على عمر بن عبد العزيز يأمره بهدم المسجد النبوي وإضافة حجر أزواج رسول الله ص وأن يوسعه من قبلته وسائر نواحيه حتى يكون مائتي ذراع في مائتي ذراع فمن باعك ملكه فاشتره منه وإلا فقومه له قيمة عدل ثم اهدمه وادفع إليهم أثمان بيوتهم فإن لك في ذلك سلف صدق عمر وعثمان فجمع عمر بن عبد العزيز وجوه الناس والفقهاء العشرة وأهل المدينة وقرأ عليهم كتاب أمير المؤمنين الوليد فشق عليهم ذلك وقالوا هذه حجر قصيرة السقوف وسقوفها من جريد النخل وحيطانها من اللبن وعلى أبوابها المسوح وتركها على حالها أولى لينظر إليها الحجاج والزوار والمسافرون وإلى بيوت النبي ص فينتفعوا بذلك ويعتبروا به ويكون ذلك أدعى لهم إلى الزهد في الدنيا فلا يعمرون فيها إلا بقدر الحاجة وهو ما يستر ويكن ويعرفون أن هذا البنيان العالي إنما هو من أفعال الفراعنة والأكاسرة وكل طويل الأمل راغب في الدنيا وفي الخلود فيها فعند ذلك كتب عمر بن عبد العزيز إلى الوليد بما أجمع عليه الفقهاء العشرة المتقدم ذكرهم فأرسل إليه يأمره بالخراب وبناء المسجد على ما ذكر وأن يعلى
¥