فالكنيسة هنا قال النبي عليه الصلاة والسلام في شأنها بنوا على قبره مسجدا يعني مكان للعبادة.
فإذن الكنائس بُنيت على القبور -قبور أولئك الصالحين- وصوروا فيها الصور، جعلوا صورة ذلك العبد جعلوا على قبره أو فوق قبره على الحائط؛ لكي يدلوا الناس على عبادة الله بتعظيم ذلك الرجل الصالح وتعظيم قبره، فاتخذوا البناء على القبور الذي هو وسيلة من وسائل الشرك الأكبر ومن البدع التي يحدثها الخلوف بعد الأنبياء، اتخذوا ذلك فوق القبور وتعبّدوا فيها، قال عليه الصلاة والسلام (أُولَئِكِ شِرَارُ الْخَلْقِ عِنْدَ الله جل وعلا)، (أولئكِ) الخطاب لأم سلمة، والخطاب إذا توجه إلى مؤنث تكسر فيه الكاف -كاف الخطاب- (أُولَئِكِ شِرَارُ الْخَلْقِ عِنْدَ الله) من هم شرار الخلق عند الله؟ هم الذين عظّموا الصالحين فبنوا على قبورهم مساجد، هل في هذا الحديث أنهم توجهوا بالعبادة لأولئك الصالحين؟ لا؛ إنما عظموا قبور الصالحين وجعلوا لهم صورا، فجمعوا بين فتنتين فتنة القبور وفتنة الصور.
وفتنة الصور وسيلة من وسائل حدوث الشرك.
وكذلك فتنة القبور بالبناء عليها، وبتعظيمها، وبإرشاد الناس لها، هذا وسيلة إلى أن يعتقد في صاحب القبر أن له شيئا من خصائص الإلهية، أو أنه يتوسط عند الله جل وعلا في الحاجات، كما حصل ذلك فعلا.
قال المصنف الإمام رحمه الله (فهؤلاء جمعوا بين فتنتين فتنة القبور وفتنة التماثيل) وهذا هو الواقع، وهذا التغليظ في أنهم شرار الخلق عند الله.
هذا نفهم منه التحذير، التحذير عند الأمة أن يبنوا على قبر أحد مسجدا لأنه إن بُني على قبر أحد مسجد فإنه من بنى ذلك ودل الخلق على تعظيم ذلك القبر فإنه من شرار الخلق عند الله، وقد قال عليه الصلاة والسلام «لتتبعن سنن من كان قبلكم شبرا بشبر وذراع بذراع».
فإذا وجه الدلالة من هذا الحديث أنه قال (أُولَئِكِ شِرَارُ الْخَلْقِ عِنْدَ الله) وهذا تغليظ فيمن عبد الله في الكنيسة التي فيها القبور و الصور، والقبور والصور من وسائل الشرك بالله جل وعلا.
قال (ولهما عنها) يعني عن عائشة (قالت: لما نزل برسول الله r) يعني نزل به الموت (طَفِقَ يَطْرَحُ خُمِيصَةً لَهُ عَلَى وَجْهِهِ. فَإِذَا اغْتَمّ بها كشَفَهَا فقال وهو كذلك: «لَعْنَة اللّهُ على الْيَهُودَ وَالنّصَارىَ. اتّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ») هذا الحديث من أعظم الأحاديث التي فيها التغليظ في وسائل الشرك وبناء المساجد على القبور واتخاذ قبور الأنبياء والصالحين مساجد.
ووجه ذلك أنه عليه الصلاة والسلام وهو في ذلك الغم وتلك الشدة ونزول سكرات الموت به عليه الصلاة والسلام يعانيها لم يفعل عليه الصلاة والسلام؛ بل اهتمَّ اهتماما عظيما وهو في تلك الحال بتحذير الأمة من وسيلة من وسائل الشرك، وتوجيه اللعن والدعاء على اليهود والنصارى بلعنة الله؛ لأنهم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد، سبب ذلك أنه عليه الصلاة والسلام يخشى أن يُتخذ قبره مسجدا كما اتخذت قبور الأنبياء قبله مساجد.
ومن اتخذ قبور الأنبياء مساجد؟ شرار الخلق عند الله من اليهود والنصارى الذين لعنهم النبي عليه الصلاة والسلام، فقال (لَعْنَة اللّهُ على الْيَهُودَ وَالنّصَارىَ)، واللعنة هي الطرد والإبعاد من رحمة الله، وذلك يدل على أنهم فعلوا كبيرة من كبائر الذنوب وهذا كذلك؛ فإن البناء على القبور واتخاذ قبور الأنبياء مساجد هذا من وسائل الشرك وهو كبيرة من الكبائر، قال: (اتّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ)، فإذن سبب اللعن أنهم اتخذوا قبور الأنبياء مساجد، والنبي عليه الصلاة والسلام يلعن ويحذر وهو في ذلك الموقف العصيب، فقام ذلك مقام آخر وصية أوصى بها عليه الصلاة والسلام ألا تُتخذ القبور مساجد فخالف كثير من الفئام في هذه الأمة خالفوا وصية عليه الصلاة والسلام.
قال (اتّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ) اتخاذ القبور مساجد يكون على أحد ثلاثة صور:
¥