تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

"وإنما أدخلت الحجرة في المسجد في خلافة الوليد بن عبدالملك، بعد موت عامة الصحابة الذين كانوا بالمدينة، وكان آخرهم موتاً جابر بن عبدالله، وتوفي في خلافة عبدالملك، فإنه توفي سنة ثمان وسبعين، والوليد تولى سنة ست وثمانين، وتوفي سنة ست وتسعين، فكان بناء المسجد وإدخال الحجرة فيه فيما بين ذلك (قلت (الشيخ الألباني هو القائل): وإنما لم يسم الحافظ ابن عبدالهادي السنة التي وقع فيها ذلك لأنها لم ترد في رواية ثابتة على طريقة المحدثين، وما نقلناه عن ابن جرير هو من رواية الواقدي وهو متهم، ورواية ابن شبة الآتية في كلام الحافظ ابن عبد الهادي مدارها على مجاهيل، وهم عن مجهول! كما هو ظاهر، فلا حجة في شئ من ذلك، وإنما العمدة على اتفاق المؤرخين على أن إدخال الحجرة إلى المسجد كان في ولاية الوليد، وهذا القدر كاف في إثبات أن ذلك كان بعد موت الصحابة الذين كانوا في المدينة حسبما بينه الحافظ لكن يعكر عليه ما رواه أبو عبدالله الرازي في مشيخته (218/ 1) عن محمد بن الربيع الحيزري:" توفي سهل بن سعد بالمدينة هو ابن مائة سنة وكانت وفاته سنة إحدى وتسعين وهو آخر من مات بالمدينة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. لكن الجيزري هذا لم اعرفه ثم هو معضل، وقد ذكر مثله الحافظ بن حجر في " الإصابة " (2/ 87) عن الزهري من قوله فهو معضل أيضاً أو مرسل، ثم عقبه بقوله:" وقيل قبل ذلك، وزعم ابن أبي داود أنه مات بالإسكندرية "، وجزم في " التقريب " أنه مات سنة 88 فالله أعلم. وخلاصة القول أنه ليس لدينا نص تقوم به الحجة على أن أحداً من الصحابة كان في عهد عملية التغيير هذه، فمن ادعى خلاف ذلك فعليه الدليل، فما جاء في شرح مسلم " (5/ 13ـ14) أن ذلك كان في عهد الصحابة، لعل مستنده تلك الرواية المعضلة أو المرسلة، وبمثلها لا تقوم حجة، على أنها أخص من الدعوى، فإنها لو صحت إنما تثبت وجود واحد من الصحابة حينذاك، لا (الصحابة). وأما قول بعض من كتب في هذه المسألة بغير علم: " فمسجد النبي صلى الله عليه وسلم منذ وسعه عثمان رضي الله عنه وأدخل في المسجد ما لم يكن منه، فصارت القبور الثلاثة محاطة بالمسجد لم ينكر أحد من السلف ذلك ". فمن جهالاتهم التي لا حدود لها ـ ولا أريد أن أقول: إنها من افتراءاتهم ـ فإن أحدا من العلماء لم يقل إن إدخال القبور الثلاثة كان في عهد عثمان رضي الله عنه، بل اتفقوا على أن ذلك كان في عهد الوليد بن عبد الملك كما سبق، أي بعد عثمان بنحو نصف قرن ولكنهم يهرفون بما لا يعرفون ذلك لأن عثمان رضي الله عنه فعل خلاف ما نسبوا إليه، فإنه لما وسع المسجد النبوي الشريف احترز من الوقوع في مخالفة الأحاديث المشار إليها، فلم يوسع المسجد من جهة الحجرات، ولم يدخلها فيه، وهذا عين ما صنعه سلفه عمر بن الخطاب رضي الله عنهم جميعاً، بل أشار هذا إلى أن التوسيع من الجهة المشار إليها فيه المحذور المذكور في الأحاديث المتقدمة كما سيأتي ذلك عنه قريباً. وأما قولهم:" ولم ينكر أحد من السلف ذلك ". فنقول: وما أدراكم بذلك؟ ‍! فإن من أصعب الأشياء على العقلاء إثبات نفي شئ يمكن أن يقع ولم يعلم، كما هو معروف عند العلماء، لأن ذلك يستلزم الإستقراء التام والإحاطة بكل ما جرى، وما قيل حول الحادثة التي يتعلق بها الأمر المراد نفيه عنها، وأنى لمثل هذا البعض المشار إليه أن يفعلوا ذلك لو استطاعوا، ولو أنهم راجعوا بعض الكتب لهذه المسألة لما وقعوا في تلك الجهالة الفاضحة،ولو جدوا ما يحملهم على أن لا ينكروا ما لم يحيطوا بعلمه، فقد قال الحافظ ابن كثير في تاريخه (75ج9) بعد أن ساق قصة إدخال القبر النبوي في المسجد: " ويحكي أن سعيد بن المسيب أنكر إدخال حجرة عائشة في المسجد كأنه خشي أن يتخذ القبر مسجداً ". وأنا لا يهمني كثيراً صحة هذه الرواية، أو عدم صحتها، لأننا لا نبني عليها حكماً شرعياً، لكن الظن بسعيد بن المسيب وغيره من العلماء الذين أدركوا ذلك التغيير، أنهم أنكروا ذلك أشد الإنكار، لمنافاته تلك الأحاديث المتقدمة منافاة بينة، وخاصة منها رواية عائشة التي تقول:" فلولا ذاك أبرز قبره غير أنه خشي أن يتخذ مسجداً "فما خشي الصحابة رضي الله عنهم قد وقع ــ مع الأسف الشديد ـ بإدخال القبر في المسجد، إذ

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير