تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ثم إنه قد يرد عن السلف نهي عن (تفسير هذه الصفات) وفي الحقيقة أنه نهي عن (تفسيرها كتفسير المبتدعة من الجهمية ومن شابههم) فنهي السلف كان عن ((تفسير المبتدعة من الجهمية)) وأتباعهم من الفلاسفة وأهل الكلام، فنهوا عن مثل تلك التفسيرات المخالفة لدين الإسلام.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية بعد حِكاية مذهب السلف: ((قوله: (من غير تفسير) أراد به تفسير (الجهمية المُعطلة) الذين ابتدعوا تفسير الصفات بخلاف ما كان عليه الصحابة والتابعون من الإثبات (ونقل عن الإمام أبي عُبيد أنه قال: (ما أدركنا أحداً يُفسرها) ثم قال: (وقد أخبر أنه ما أدرك أحداً من العلماء يفسرها أي تفسير الجهمية)) أهـ

[مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ا بن تيمية (5/ 50 – 51)]

فقولهم: (أمرُّوها كما جاءت بلا كيف) نهيٌ عن السؤال عن الكيفية، وأنه لا يعلم أحد كيفية صفات الله إلا الله تعالى، فمعنى صفات الله معلومة لكن كيفيتها مما استأثر الله تعالى بعلمه.

وأيضا قد ينسب بعض الناس إلى السلف القول: بأن صفات الله من (المتشابه) وهذا أيضا خطأ عظيم، ونسبته إلى السلف رحمهم الله باطلة.

فالقول بأنها من ((المتشابه بإطلاق)) خطأعظيم منشأه هو ((عدم المعرفة التامة بمذهب السلف)) رحمهم الله تعالى، وهذه ظاهرة توجد عند كثيرٍ من أهل الطوائف ينسبون للسلف أقوالاً لم يقولوا بها، ويجعلونها مذهب السلف، والسلف منها براء.

قال شيخ الإسلام بن تيمية: ((فإن فُرضَ أنَّ أحداً نقلَ مذهبَ السلفِ كما يذكره، فإما أن يكون قليل المعرفة بآثار السلف كأبي المعالي،

وأبي حامد، وابن الخطيب وأمثالهم، ممن لم يكن لهم من المعرفة بالحديث ما يُعدُّون به من عوام أهل الصناعة فضلاً عن خواصها، ولم يكن الواحد من هؤلاء يعرف البخاري ومسلماً وأحاديثهما إلا بالسماع كما يذكر ذلك العامة، ولا يميزون بين الحديث الصحيح المتواتر عند أهل العلم بالحديث وبين الحديث المفترى المكذوب، وكتبهم أصدقُ شاهدٍ بذلك ففيها عجائب…))

[مجموع الفتاوى (4/ 71 – 72)]

ولا يخفى عليكم جواب الإمام مالك رضي الله عنه حينما سُئل عن الإستواء (كيف استوى)؟؟

فأجاب بقوله: ((الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة، وما أراك إلا مبتدعا)) ثم أمر به فأخرج

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ((فبيَّن أن الاستواء معلوم وأن كيفية ذلك مجهولة، ومثل هذا يوجد كثير في كلام السلف، ينفون علم العباد بكيفية صفات الله وأنه لا يعلم كيف الله إلا الله، فلا يعلم ماهو إلا هو))

[التدمرية بتحقيق د / السعوي وفقه الله ص 98 – 99]

فَعُلمَ من هذا أن السلف كانوا يعرفون معاني صفات الله تعالى ويثبتونها على الوجه اللائق بالله تعالى، أما كيفية صفات الله تعالى فلم يقل أحد منهم إنه يعلم ذلك، كما مر معنا في الوقفة الأولى،

ولهذا قال شيخ الإسلام ابن تيميه: ((وما أعلم أحداً من سلف الأمة ولا من الأئمة لا أحمد بن حنبل ولا غيره أنه جعل ذلك من المتشابه الداخل في هذه الآية، ونفى أن يعلم أحد معناه وجعلوا أسماء الله وصفاته بمنزلة الكلام الأعجمي الذي لا يُفهم، ولا قالوا: إن الله يُنَزِّلُ كلاماً لا يَفهمُ أحدٌ معناه، وإنما قالوا: (كلماتٌ لها معانٍ صحيحةٍ) وقالوا في أحاديثِ الصفاتِ: (تُمرُّ كما جاءت) ونهوا عن تأويلات (الجهمية) وردوها وأبطلوها التي مضمونها تعطيل النصوص عما دلت عليه…))

[انظر مجموع الفتاوى (13/ 294 و 295)]

و قال شيخ الإسلام بن تيمية: ((ولو كان القوم – أي السلف – قد آمنوا باللفظ المجرد من غير فهم لمعناه لما قالوا: (الاستواء غير مجهول والكيف غير معقول) ولما قالوا: (أمروها كما جاءت بلا كيف) فإن الاستواء حينئذ لا يكون معلوما بل مجهولا بمنزلة حروف المعجم، فقولهم: (أمروها كما جاءت) يقتضي إبقاء دلالتها على ما هي عليه فإنها جاءت ألفاظاً دالةً على معاني…))

[مجموع الفتاوى (5/ 41)]

وحقيقة ((القول بالتفويض)) هي أن فيه فيه ((نسبةُ الجهل إلى الأنبياء والمرسلين)) وأنهم كانوا ((يجهلون معاني)) نصوص صفات الله تعالى وأنهم كانوا ((يخاطبوننا بما لم يكونوا يعرفوا معناه)).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير