حديث أبي سعيد المتفق على صحته: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (لا تسبوا أصحابي فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه) 000
وقال -صلى الله عليه وسلم-: (الله، الله في أصحابي لا تتخذوهم غرضا بعدي، فمن أحبهم فبحبي أحبهم، ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم، ومن آذاهم فقد أذاني، ومن أذاني فقد أذى الله، ومن آذى الله فيوشك أن يأخذه) 000
قال ابن الصلاح: (ثم إن الأمة مجمعة على تعديل جميع الصحابة، ومن لابس الفتن منهم فكذلك، بإجماع العلماء الذين يعتد بهم في الإجماع، إحسانا للظن بهم، ونظرا إلى ما تمهد لهم من المآثر، وكأن الله سبحانه وتعالى أتاح الإجماع على ذلك لكونهم نقلة الشريعة، وجميع ما ذكرنا يقتضي القطع بتعديلهم، ولا يحتاجون مع تعديل الله ورسوله لهم إلى تعديل أحد من الناس 000
ونقل ابن حجر عن الخطيب في " الكفاية " أنه لو لم يرد من الله ورسوله فيهم شيء مما ذكرناه لأوجبت الحال التي كانوا عليها من الهجرة، والجهاد، ونصرة الإسلام، وبذل المهج والأموال، وقتل الآباء، والأبناء، والمناصحة في الدين، وقوة الإيمان واليقين: القطع بتعديلهم، والاعتقاد بنزاهتهم، وأنهم كافة أفضل من جميع الخالفين بعدهم والمعدلين الذين يجيئون من بعدهم) 000
ثم قال: (هذا مذهب كافة العلماء، ومن يعتمد قوله، وروى بسنده إلى أبي زرعة الرازي قال: (إذا رأيت الرجل ينتقص أحدا من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فاعلم أنه زنديق) 000 ذلك أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- حق، والقرآن حق، وما جاء به حق، وإنما أدى إلينا ذلك كله الصحابة، وهؤلاء يريدون أن يجرحوا شهودنا، ليبطلوا الكتاب والسنة، والجرح بهم أولى، وهم زنادقة) 000
***************
إنكار صحبة من ثبتت صحبته بنص القرآن
اتفق الفقهاء على تكفير من أنكر صحبة أبي بكر -رضي الله عنه - لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-، لما فيه من تكذيب قوله تعالى 000
بسم الله الرحمن الرحيم: (إذْ يَقُول لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إنّ اللّهَ مَعَنَا) 000
واختلفوا في تكفير من أنكر صحبة غيره من الخلفاء الراشدين، كعمر، وعثمان، وعلي - رضي الله عنهم -000فنص الشافعية على أن من أنكر صحبة سائر الصحابة غير أبي بكر لا يكفر بهذا الإنكار، وهو مفهوم مذهب المالكية، وهو مقتضى قول الحنفية، وقال الحنابلة: يكفر لتكذيبه النبي -صلى الله عليه وسلم- ولأنه يعرفها العام والخاص وانعقد الإجماع على ذلك فنافي صحبة أحدهم أو كلهم مكذب للنبي -صلى الله عليه وسلم-000
***************
سب الصحابة
من سب الصحابة أو واحدا منهم، فإن نسب إليهم ما لا يقدح في عدالتهم أو في دينهم بأن يصف بعضهم ببخل أو جبن أو قلة علم أو عدم الزهد ونحو ذلك، فلا يكفر باتفاق الفقهاء، ولكنه يستحق التأديب000
أما إن رماهم بما يقدح في دينهم أو عدالتهم كقذفهم: فقد اتفق الفقهاء على تكفير من قذف الصديقة بنت الصديق عائشة - رضي الله عنهما- زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- بما برأها الله منه، لأنه مكذب لنص القرآن000
أما بقية الصحابة فقد اختلفوا في تكفير من سبهم، فقال الجمهور: لا يكفر بسب أحد الصحابة، ولو عائشة بغير ما برأها الله منه ويكفر بتكفير جميع الصحابة، أو القول بأن الصحابة ارتدوا جميعا بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أو أنهم فسقوا، لأن ذلك تكذيب لما نص عليه القرآن في غير موضع من الرضا عنهم، والثناء عليهم، وأن مضمون هذه المقالة: أن نقلة الكتاب والسنة كفار أو فسقة، وأن هذه الأمة التي هي خير أمة أخرجت، وخيرها القرن الأول كان عامتهم كفارا أو فساقا، ومضمون هذا: أن هذه الأمة شر الأمم، وأن سابقيها هم أشرارها، وكفر من يقول هذا مما علم من الدين بالضرورة 000
وجاء في فتاوى قاضي خان: يجب إكفار من كفر عثمان، أو عليا، أو طلحة، أو عائشة، وكذا من يسب الشيخين أو يلعنهما000