[مع أعظم إنسان]
ـ[د. محمد ناجي مشرح]ــــــــ[19 - 12 - 03, 11:17 م]ـ
[ب- فضل الإيمان وإن قل]
5 - أبو سعيد يخرج من النار من كان في قلبه مثقال ذرة من الإيمان قال أبو سعيد: فمن شك فليقرأ ((إن الله لا يظلم مثقال ذرة))
للترمذي (1)
هذه بشارة للمؤمن الضعيف لكن بعد أن يأخذ نصيبه من النار ,ومن يقدر على ذلك دقائق وهو يقدر على عدم المكث فيها .. فكيف بأكثر من ذلك ....
وفيه دلالة على سعة رحمة الله سبحانه وتعالى علواً كبيراً إذ كيف يأمر وينهى عباده وهم يخالفون أمره ونهيه وهو يراهم ويعْلمهم سبحانه وتعالى ومع هذا يرزقهم ويلطف بهم مع إصرارهم طوال حياتهم ثم يدخلهم الجنة بعد أن يمكثوا في النار ما شاء أن يمكثوا ...
والتخلق بأخلاق الله تعالى مطلوب من المؤمنين هذا أمر والأمر الآخر فإن طبيعة منهج الله تعالى يميل إلى العفو والصفح والرحمة والحب والفرح عند رجوع الشارد، وأوبة الآبق، وهداية الضال ...
ولو انسجم أسلوب الدعاة مع منهج الله تعالى لحصل نتيجة لذلك خير كثير.
ولطالما مررنا بنصوص كثيرة تدل على هذا فلا نقف عندها وقفة تأمل ينتج عنه تطبيقات نافعة للمرسل والمستقبل على حد سواء ...
إنه لمن المؤسف جدا أن نحيد عن الدراسة العميقة لكتاب ربنا ولسنة نبينا وسيرته وسيرة سلفنا الذين اقتدوا به لنستخلص من ذلك منطلقات وقواعد لأساليب دعوتنا وقوانين تعليمنا وتربيتنا وإعلامنا وشئون حياتنا جميعها بدون استثناء ...
بينما نستورد من غيرنا ذلك لأنهم تأملوا واستنتجوا لجوانب الحياة من تجارب واجتهادات بعيدة عن المنهج الرباني المعصوم وربما أصابوا في بعضها وأخطأوا في البعض الآخر لكونها تجارب بشرية تخضع للخطأ والصواب ... وفي تقديري لو أن هؤلاء اهتدوا بالقرآن والسنة لبلغ انتاجهم عنان السماء فإن منهج الله تعالى معصوم ولا يستدعي إخضاعه للتجارب والاجتهادات المضنية لنختبر مدى صلاحيته أم لا ...
فالله الله يا دعاة الإسلام في الاعتناء والدراسات العميقة والمتأنية في النصوص والتطبيقات العملية لسيرة حبيبنا لنستخلص من ذلك ما نحتاج إليه بفهم وعلم بمقاصد الإسلام وطبيعة منهجه لئلا تكون تطبيقاتنا فجة غير ناضجة وحتى لا تكون رؤيتنا ضيقة فنصطدم بهذا المنهج العظيم الوسط الشامل الكامل الملبي لعموم الحياة والأحياء زمانا إلى يوم القيامة ومكانا للعالم كله.
ولا شك أن ما يصيبنا من العنت ناتج من تقصيرنا في تدعيم أنفسنا بهذا المنهج العظيم وتعميمه إلى غيرنا فسلطوا علينا بسبب تقصيرنا في هذا الشأن.
ولا أزال أذكر قصة ساقها لنا أحد الوعاظ في مسجد الحساوي بالمدينة المنورة وأنا في المرحلة الثانوية لرجل أسلم وجاء إلى الحج فلفت انتباهه كثرة الواقفين بعرفة من المسلمين فصرخ بأعلى صوته قائلا أنتم بهذه الكثرة الكاثرة وقد مات أبواي على الكفر لأنكم قصرتم في توصيل الإسلام إليهما؛ إنهما في ذمتكم!