ـــــــــــــــ قَالَ إِمَامُ الأَئِمَّةِ أبُو عَبْدِ اللهِ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: وَقَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لاَ سَبَقَ إلا فِي خُفٍّ أَوْ حَافِرٍ أَوْ نَصْلٍ» يَجْمَعُ مَعْنَيَيْنِ:
[أَحَدَهُمَا] أَنَّ كُلَّ نَصْلٍ رُمِيَ بِهِ مِنْ سَهْمٍ أَوْ نُشَّابَةٍ، أَوْ مَا يَنْكَأُ الْعَدُوُّ نِكَايَتَهُمَا، وَكُلَّ حَافِرٍ مِنْ خَيْلٍ وَحَمِيرٍ وَبِغَالٍ، وَكُلَّ خُفٍّ مِنْ إبِلٍ بُخْتٍ أَوْ عِرَابٍ، دَاخِلٌ فِي هَذَا الْمَعْنَى الَّذِي يَحِلُّ فِيهِ السَّبَقُ.
[وَالثَّانِي] أَنَّهُ يَحْرُمُ أَنْ يَكُونَ السَّبَقُ إلا فِي هَذَا. وَهَذَا دَاخِلٌ فِي مَعْنَى مَا نَدَبَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ إلَيْهِ، وَحَمِدَ عَلَيْهِ أَهْلَ دِينِهِ مِنْ الْإِعْدَادِ لِعَدُوِّهِ الْقُوَّةَ وَرِبَاطَ الْخَيْلِ، وَالآيَةُ الأُخْرَى «فَمَا أَوَجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلاَ رِكَابٍ»، لأَنَّ هَذِهِ الرِّكَابَ لَمَّا كَانَ السَّبَقُ عَلَيْهَا يُرَغِّبُ أَهْلَهَا فِي اتِّخَاذِهَا لآمَالِهِمْ إدْرَاكَ السَّبَقِ فِيهَا، وَالْغَنِيمَةِ عَلَيْهَا، كَانَتْ مِنْ الْعَطَايَا الْجَائِزَةِ بِمَا وَصَفْتهَا، فَالاسْتِبَاقُ فِيهَا حَلاَلٌ، وَفِيمَا سِوَاهَا مُحَرَّمٌ.
فَلَوْ أَنَّ رَجُلاً سَابَقَ رَجُلاً عَلَى أَنْ يَتَسَابَقَا عَلَى أَقْدَامِهِمَا أَوْ سَابَقَهُ عَلَى أَنْ يَعْدُوَ إلَى رَأْسِ جَبَلٍ، أَوْ عَلَى أَنْ يَعْدُوَ فَيَسْبِقَ طَائِرَاً أَوْ عَلَى أَنْ يُصِيبَ مَا فِي يَدَيْهِ , أَوْ عَلَى أَنْ يُمْسِكَ فِي يَدِهِ شَيْئَاً فَيَقُولَ لَهُ: ارْكِنْ فَيَرْكَنُ فَيُصِيبُهُ , أَوْ عَلَى أَنْ يَقُومَ عَلَى قَدَمَيْهِ سَاعَةً، أَوْ أَكْثَرَ مِنْهَا , أَوْ عَلَى أَنْ يُصَارِعَ رَجُلاً , أَوْ عَلَى أَنْ يُدَاحِيَ رَجُلاً بِالْحِجَارَةِ فَيَغْلِبَهُ كَانَ هَذَا كُلُّهُ غَيْرَ جَائِزٍ، مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ:
[أَوَّلاً] خَارِجٌ مِنْ مَعَانِي الْحَقِّ الَّذِي حَمِدَ اللهُ عَلَيْهِ، وَخَصَّتْهُ السُّنَّةُ بِمَا يَحِلُّ فِيهِ السَّبَقُ، وَدَاخِلٌ فِي مَعْنَى مَا حَظَرَتْهُ السُّنَّةُ، إذْ نَفَتْ السُّنَّةُ أَنْ يَكُونَ «السَّبَقُ إلا فِي خُفٍّ أَوْ نَصْلٍ أَوْ حَافِرٍ».
[ثَانِيَاً] وَدَاخِلٌ فِي مَعْنَى أَكْلِ الْمَالِ بِالْبَاطِلِ، لأَنَّهُ لَيْسَ مِمَّا أَخَذَ الْمُعْطِي عَلَيْهِ عِوَضَاً، وَلاَ لَزِمَهُ بِأَصْلِ حَقٍّ، وَلاَ أَعْطَاهُ طَلَبَاً لِثَوَابِ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ، وَلاَ لِمَحْمَدَةِ صَاحِبِهِ؛ بَلْ صَاحِبُهُ يَأْخُذُهُ غَيْرَ حَامِدٍ لَهُ وَهُوَ غَيْرُ مُسْتَحِقٍّ لَهُ.
ـ[أبوبدر ناصر]ــــــــ[16 - 12 - 05, 12:39 م]ـ
للفائدة
http://thiab.com/download/foot/foot.zip
ـ[ابن وهب]ــــــــ[16 - 04 - 08, 03:14 ص]ـ
بارك الله في شيخنا الفاضل الألفي ونفع به
ـ[أبو عامر الصقر]ــــــــ[16 - 04 - 08, 06:36 م]ـ
بارك الله بكم جميعا على هذه الفوائد العظيمة في هذا الموضوع، الذي يدخل فيه آفة العصر من مباريات الرياضة في هذا الزمان، والحماس الشديد لها لدرجة ظهور المفاسد العظيمة ومنها الإسراف الشديد المحرم والله لا يحب المسرفين ..............
ألحديث: (لا سبق إلا في خف أو حافر أو نصل) أيضا شرحه الإمام إبن عبد البر في كتاب التمهيد، وبين أنه لا يجوز السبق إلا في هذه الأمور الثلاثة بغرض التدرب للجهاد.
أي: بعيدا عن الرياء والشهرة والعبث (مثل الذي يجري هذه الأيام من سباق الهجن والأبل وخلافة رياء وسمعة)
والله أعلم والله الموفق.