تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

167 وقد يقع في بعض مصنفاتهما ما قد خالف المؤلف فيه صريح حديث صحيح أو ساق حديثا على خلاف لفظه أو نقل إجماعا أو حكما عن مذهب بعض الأئمة وليس كذلك فإن ذكر لذلك المتعصب الصواب في مثل ذلك نادى وصاح وزمجر وأخفى العداوة وكان سبيله أن يفرح بوصوله إلى ما لم ولكن أعماه التقليد أصمه عن سماع العلم المفيد بعض شبهات المقلدين والرد عليها

168 ويقول المتحذلق منهم المتصدر في منصب لا يستحقه أما كان هؤلاء الأئمة يعرفون هذا الحديث الصحيح الوارد على خلاف نصهم فيرد حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم بمثل هذا الهذيان الذي لو فكر فيه أسكته عنه لأن خصمه في مثل هذا هو الله ورسوله لأن الله تعالى افترض علينا طاعة رسوله فقد وصلنا إلى حديثه فلا نرده إلى قول أحد

169 ثم إن في ذلك إبطالا لمذهبه وهدما لأصله الذي مهده إمامه وأسسه وذلك أن الشافعي إنما تعصب على من كان قبله من الأئمة بمثل ذلك من دلالات الكتاب والسنة مما ظنه خفي على من سبقه

وكان من الممكن أن يقال له أما كان أولئك يعرفون هذا وأولئك المتقدمون أولى بذلك من المتأخرين فلو سمع مثل هذا الهذيان لبطلت إذنه

170 بل ينبغي للطالب أن يكون ابدا في طلب ازدياد علم ما لم يعلمه من أي شخص كان فالحكمة ضالة المؤمن أينما وجدها أخذها وعليه الانصاف وترك التقليد واتباع الدليل فكل أحد يخطئ ويصيب إلا من شهدت له الشريعة بالعصمة وهو النبي صلى الله عليه وسلم ذكر رجوع الصحابة عن آرائهم إلى أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم

171 قال الشافعي في كتاب اختلاف الحديث حدثنا سفيان عن عمرو بن دينار عن سالم بن عبد الله بن عمر وربما قال عن أبيه وربما لم يقله أن عمر بن الخطاب نهى عن التطيب قبل زيارة البيت وبعد الجمرة قال سالم فقالت عائشة طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي هاتين لإحرامه قبل أن يحرم ولحله قبل أن يطوف بالبيت قال سالم وسنة رسول الله أحق أن تتبع قال الشافعي فترك سالم قول جده عمر في إمامته وقبل قول عائشة وسنة

رسول الله صلى الله عليه وسلم أحق وذلك الذي يجب عليه

172 وما زال أكابر الصحابة مثل أبي بكر الصديق ومن بعده يخفى عليهم شيء من السنة كميراث الجدة وتوريث المرأة من دية زوجها ووضع اليدين على الركبتين في الصلاة خفي الأول على أبي بكر والثاني على عمر والثالث على ابن مسعود حتى نبههم على ذلك غيرهم ولذلك أمثلة كثيرة

ذكر معرفة المقلدين بمراتب أئمتهم وجهلهم بمراتب السلف الصالح 173 ومن العجب أن كثيرا منهم إذا ورد على مذهبهم أثر عن بعض أكابر الصحابة يقول مبادرا بلا حياء ولا حشمة مذهب الشافعي الجديد أن قول الصحابي ليس بحجة ويرد قول أبي بكر وعمر ولا يرد قول أبي إسحاق والغزالي ومع مصنفات أبي إسحاق وغيره مشحونة بتخطئة المزني وغيره من الأكابر في ما خالفوا فيه مذهبهم فلا تراهم ينكرون شيئا من هذا فإن اتفق أنهم سمعوا أحدا يقول أخطأ الشيخ أبو إسحاق في كذا بدليل كذا وكذا انزعجوا وغضبوا ويرون أنه ارتكب كبيرا من الإثم فإن كان الأمر كما ذكروا فالأمر الذي ارتكبه أبو إسحاق أعظم فما بالهم لا ينكرون ذلك ولا يغضبون منه لولا قلة معرفتهم وكثرة جهلهم بمراتب السلف فصل في أن مذهب الشافعي أشبه إذنه بالدليل إذا عمل بقوله في الرجوع إلى السنة

174 قد تقدم أن الشافعي بنى مذهبه بناءا محكما وذلك أنه كان اعتماده على كتاب الله وسنة رسوله والنظر الصحيح من الاجتهاد الراجع إلى الكتاب والسنة وترجيح أشبه إذنه إلى الكتاب والسنة وهذا هو الأصل الصحيح القوي الذي يتم البناء عليه إلا أنه قد يعرض له ما يعرض لغيره من البشر ممن ليس بمعصوم من الغفلة والنسيان فأحالنا لبعض قوله على أن ما يصح من أقوال النبي صلى الله عليه وسلم فهو مذهبه فلم يترك لعائب عيبا ولا لمنتقد من حساده انتقادا فرضي الله عنه ولهذا قال بعض العلماء لولا الشافعي لغير أصحاب الرأي ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم

فصل في نصح أهل العلم وبيان العلوم النافعة والضارة

175 هذه الفصول التي ذكرناها حسنة كثيرة ملكا مجموعة من عدة مصنفات ينبغي لكل من يعتني بالعلم النظر فيها والاطلاع عليها

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير