تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

176 وقد رأيت أن أختمها بفصل هو أهمها وأجلها وأعمها نفعا وأولاها ذكرا وهو ما اعتنى ببيانه الإمام أبو حامد رحمه الله في كتاب الإحياء من نصح أهل العلم وبيان العلوم النافعة والتحذير من العلوم الضارة

177 حيث قال فأدلة الطريق هم العلماء الذين هم ورثة الأنبياء وقد شغر منهم الزمان ولم يبق إلا المترسمون وقد استحوذ عليهم الشيطان واستغواهم الطغيان وأصبح كل واحد بعاجل حظه مشغوفا فصار يرى المعروف بنو والمنكر معروفا حتى ظل علم الدين مندرسا ومنار الهدى في أقطار الأرض منطمسا

ولقد خيلوا إلى الخلق أنه لا علم إلا فتوى حكومة يستعين بها القضاة على فصل الخصام ثم يبدلهم الطغام أو جدل يتذرع به طالب المباهاة إلى الغلبة والإفحام أو سجع مزخرف يتوصل به الواعظ إلى استدراج العوام إذ لم يروا ما سوى هذه الثلاثة تعضدها للحرام وشبكة للحطام فأما علم طريق الآخرة وما درج عليه السلف الصالح مما سماه الله سبحانه وتعالى في كتابه فقها وحكمة وعلما وضياء ونورا وهداية ورشدا فقد أصبح بين الخلق نسيا منسيا

178 ثم أثنى على علم المعاملة وقال هو علم أحوال القلب كالصبر والشكر والخوف والرجاء والرضى والزهد والتقوى والقناعة والسخاء وحسن الخلق والصدق والإخلاص وما يذم كالغل والحقد والحسد والغش والكبر والرياء والبخل والتزين للخلق والمداهنة والخيانة وطول الأمل والقسوة وقلة الحياء وقلة الرحمة فهذه وأمثالها من صفات القلب مغارس الفواحش والأخلاق المحمودة منبع الطاعات

179 إلى أن قال ولا ينبغي للإنسان أن يغتر بقول سفيان تعلمنا العلم لغير الله فأبا أن يكون إلا لله وكان علمهم الكتاب والسنة وإن العلماء يتعلمون لغير الله لأن ما يشتغلون مأمورين به وانظر إلى أعمار الأكثرين منهم واعتبروهم فإنهم ماتوا وهم هلكى على طلب الدنيا وليس الخبر كالمعاينة

180 وقال أبو سليمان الخطابي دع الراغبين في صحبتك والتعلم منك فليس لك منهم مال ولا جمال إخوان العلانية أعداء السر إذا لقوك تملقوا لك وإذا غبت عنهم سلقوك ومن أتاك منهم كان عليك رقيبا وإذا خرج كان

عليك خطيبا أهل نفاق ونميمة وغل وحقد وخديعة ولا تغتر باجتماعهم عليك فما غرضهم العلم بل الجاه والمال وأن يتخذوك سلما إلى أوطارهم وحمارا إلى حاجاتهم إن قصرت في غرض من أغراضهم كانوا أشد الأعداء عليك ثم يعدون ترددهم إليك دالة عليك ويرونه حقا واجبا عليك ويعرضون لك أن تبذل عرضك ودينك وجاهك لهم فتعادي عدوهم وتنصر قريبهم وخادمهم ووليهم وتنتهض لهم سفيها وقد كنت فقيها وتكون لهم تابعا خسيسا بعد أن كنت متبوعا رئيسا ولذلك قيل اعتزال العامة مروءة تامة

181 وقد رأيت أن أختمه من عبارات أهل المعرفة والتقوى العاملين بالعلم الذي يورث الجوف والهيبة والخشوع والزهد في الدنيا

182 روينا عن عبد الله بن خبيق الأنطاكي وهو أحد السادة العباد قال سألت يوسف بن أسباط هل مع حذيفة المرعشي علم قال معه خوف الله

183 ذكر في مجلس أحمد بن حنبل أمر معروف الكرخي فقال بعض من حضر هو قليل العلم فقال أحمد أمسك عافاك الله وهل يراد من العلم إلا ما وصل إليه معروف

184 وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل ذهب أبي ويحيى بن معين إلى معروف فقال ابن معين إيش معنى سجدتي السهو في الصلاة فقال معروف شرعتا عقوبة للقلب إذا سها وهو بين يدي الله فقال له أبي هذا من علمك هذا في كتبك أو كتب أصحابك

185 وقال الجنيد بن محمد أتدرون ما فرض الصلاة قطع العلائق وجمع الهم والحضور بين يدي الله تعالى قيل له كيف تدخل في الصلاة قال بإلقاء سمع وشهود قلب وحضور عقل وجمع هم وصحة تيقظ وحسن إقبال وتدبر في ترتيل

186 وقال أبو حاتم محمد بن إدريس الرازي دخلت دمشق على كتبة الحديث فمررت بحلقة قاسم الجوعي فرأيت نفرا جلوسا حوله وهو يتكلم عليهم فهالني مظهرهم فتقدمت إليهم فسمعته يقول اغتنموا من أهل زمانكم خمسا إن حضرتم لم تعرفوا وإن غبتم لم تفقدوا وإن شهدتم لم تشاوروا وإن قلتم شيئا لم يقبل قولكم وإن عملتم شيئا لم تعطوا به وأوصيكم بخمس أيضا إن ظلمتم لا تظلموا وإن مدحتم لا تفرحوا وإن ذممتم لا تجزعوا وإن كذبتم فلا والخطف وإن خانوكم لا تخونوا قال فجعلت هذا فائدتي من دمشق

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير