وهو يشهد ألا إله إلا الله وحده لاشريك له إلهاً واحداً فرداً صمداً لم يتخذ صاحبة ولا ولدا، ولم يشرك في حكمه أحداً ويشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون ويشهد أن عيس عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، والجنة حق وأعده الله لأوليائه حق، والنار حق، وما أعده الله لأعدائه حق، وهو قد رضي بالله رباً وبالإسلام ديناً، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا، وبالقرآن إماما، على ذلك يحيى وعليه يموت إن شاء الله، ويشهد أن الملائكة حق والنبيين حق وإن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور.
ثم يقول: اعلموا أني مفارقكم وإن طال المدى، فهذه أدوات السفر تجمع، ومنادي الرحيل يسمع والمرء لو عمر ألف سنة لابد له من هذا المصير كما ترون
إن الله كتب الموت على بني آدم فهم ميتون، فأكيسهم أطوعهم لربه، وأعملهم ليوم معاده، وهذه وصية مودع ونصيحة مشفق، حسبي وحسبكم الله الذي الذي لم يخلق الخلق هملا، ولكن ليبلوكم أيكم أحسن عملا {يا بني إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون} [البقرة:132]، {يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم} [لقمان:13]
{يابني أقم الصلاة وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور، ولا تصعر خدك للناس ولا تمش في الأرض مرحا إن الله لايحب كل مختال فخور} [لقمان:17 - 18]
أعظم فرائض الله بعد التوحيد الصلاة، الله الله في الصلاة، فإنها خاصة الملة، وأم العبادة، والزكاة أختها الملازمة، والصوم عبادة السر لمن يعلم السر وأخفى، والحج مع الإستطاعة، ركن واجب، هذه عمد الإسلام وفروضه، فحافظوا عليها، تعيشوا مبرورين وعلى من يناوئكم ظاهرين، ولا تخوضوا فيما كره السلف الخوض فيه، وعليكم بالعلم النافع، فالعلم وسيلة النفوس الشريفة، وشرطه الإخلاص والخشية لله مع الخيفة وخير العلوم علوم الشريعة، وانبذوا العلوم المذمومة، فإنها لاتزيد إلا تشكيكا.
وأطيعوا أمر من ولاه الله عليكم، واجتنبوا الفتن وأسبابها، والكذب عورة لاتوارى، وحافظوا على الحشمة والصيانة، وأوفوا بالعهد وابذلوا النصح، ولاتبخسوا الناس أشياءهم، ولاتطغوا في النعم، ولاتنسوا الفضل بينكم، ولا تنافسوا في الحظوظ السخيفة، وإذا أسديتم معروفا فلا تذكروه، وإذا برز قبيح فاستروه، وأصلحوا ذات بينكم، واحذروا الظلم، وصلوا الأرحام، وأحسنوا إلى الجيران، واعرفوا حق الأكابر، وارحموا الأصاغر، واحذروا التباغض والتحاسد، واعلموا أن جماع الأمر تقوى الله.
كان الله خليفتي عليكم في كل حال، وموعد الإلتقاء دار البقاء، والسلام عليكم من حبيب مودع، والله يجمع إذا شاء هذا الشمل المتصدع.
ثم يذكر ما أوصى به من ماله وأوجه نفقته، وينص على اسم وكيله على ذلك ويذكر الديون التي له والتي عليه، ثم يسمي وصية على أبنائه القصر وغير ذلك من الأمور.
والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
دار القاسم: المملكة العربية السعودية – ص ب 6373 الرياض 11442
هاتف: 4092000 / ناسوخ: 4033150
البريد الإلكتروني: [email protected]
الموقع على الإنترنت: www.dar-alqassem.com