تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

15* وأما قولك: فهل قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا على ما لجأ إليه أمير المسلمين في العلم ومن تبعه وهو مالك بن أنس رحمه الله، فاعلم يا هذا أن قول كل أحدٍ مردود إلى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن صدقه قول رسول الله فذلك من سعد ذلك القائل وإن رده قول رسول الله ترك قول ذلك القائل كائنا من كان، ولا يحل لمسلم أن يُحكِّم قول قائل على قول النبي صلى الله عليه وسلم.

وأما قولك أمير المسلمين في العلم ومن تبعه وهو مالك فما للمسلمين أمير ٌ مفترضةٌ طاعته في دينهم بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأما مالك رحمه الله فهو أحد العلماء والأئمة، اجتهد كاجتهاد الأئمة غيره منهم، وله نظراء من الأئمة ليس له عليهم تقدم في علم ولا فقه ولا سعة رواية ولا حفظ ولا ورع كسفيان الثوري بالكوفة والأوزاعي وسعيد بن عبد العزيز بالشام والليث بمصر إلى آخرين ليس له عليهم فضل في الورع والحفظ والعلم إلا أنهم لم يكثروا الفتوى تورعا كشعبة وابن جريج وسفيان بن عيينة وابن أبي ذئب ومعمر وغيرهم إلى آخرين ليس له عليهم فضل في كثرة الفتوى وإن كان أحفظ منهم للحديث كابن أبي ليلى وابن شبرمة والحسن بن حي وعثمان البتي وأبي حنيفة وسوار بن عبد الله القاضي وغيرهم، إلى آخرين أتوا بعد هؤلاء وإن تأخرت أزمانهم فلم يتأخروا في العلم والفقه وسعة الرواية وكثرة الفتيا عنهم كالشافعي وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهوية وأبي عبيد وأبي ثور وداود بن علي ومحمد بن نصر المروزي ومحمد بن جرير الطبري وغيرهم، ثم قبل كل من ذكرنا ممن هو عند جميع المسلمين أجل من كل من ذكرنا كعطاء وطاوس ومجاهد وعبيد بن عمير بمكة وسعيد بن المسيب وعبيد الله بن عبد الله وسليمان بن يسار وعروة وخارجة وأبي بكر بن عبد الرحمن والقاسم بن محمد والزهري وربيعة بالمدينة وعمر بن عبد العزيز وقبيصة بن ذؤيب بالشام والحسن البصري ومحمد بن سيرين وأيوب السختياني وعبد الله بن عون وسليمان التيمي ويونس بن عبيد بالبصرة وعلقمة والأسود والحكم بن عتيبة بالكوفة، ثم قبل هؤلاء الصحابة رضي الله عنهم كل هؤلاء يا هذا نقلُهم مضبوط محفوظ مروي والحمد لله رب العالمين، ليس جهل من جهله حجة على من علمه، وكانوا كلهم رضي الله عنهم يختلفون فلا ينكر بعضهم على بعض إلا أن يكون عند أحد منهم خبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيذعن له الآخر حينئذ، على هذا جرى الصحابة رضي الله عنهم والتابعون وتابعو التابعين أولهم عن آخرهم لا أُحاشي منهم أحدا بوجه من الوجوه، إلى أن حدث ما حدث في القرن الرابع؛ فإن كنت لا تعرف ذلك فاطلب الروايات للعلم عند ضُبَّاط الحديث تجدها وكذلك الروايات عن كل من ذكرنا لك في كتابي هذا حاضرة والحمد لله رب العالمين.

فإن كان هؤلاء لم يستحق أحد منهم أن يكون أميرا للمسلمين في العلم إلا مالكا ومن اتبعه فهذه بدعة وضلالة لا يُعلم في الإسلام بدعةٌ أعظم منها، ما لم تبلغ الكفر، لأن من ضل في هذه الطريقة وهلك باتباعها فإنما ضل بإفراطه في علي رضي الله عنه وهو صاحب بدري سابق خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم مضمون له الجنة فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: لا يُبغضه إلا منافق؛ وأما الضلال بمثل هذا الإفراط في رجل من عرض المسلمين لا يُقطع له بالجنة ولا تُضمن له النجاة من النار بل يُرجى له ويُخاف عليه ولا يُقطع له بأكثر من حسن الظن به فما ظننتُ قط بأحد هذا الإفراط، والحمد لله على ما منَّ به من الهدى وعصم به من الهوى وإنا لله وإنَّا إليه راجعون على ما فشا من البدعة وطُمس من السنة؛ وكذلك والله ما توهمت أن مسلما يعتقد أو يظنُّ أن مالكا وحده ومن اتبعه لجأوا إلى غير ما نص عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم في العلم، وأن سائر من خالف أقوال مالك من الصحابة والفقهاء والتابعين بدلوا ما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأن لم يكن عندك هذا فلم خصصت مالكا ومن اتبعه بذلك في كلامه دون سائر العلماء وما شاء الله كان.

فقد أجبتك عما لزمني الجواب عنه بما أخذ عليَّ من عهد الله تعالى، ولولا ذلك لما أجبتك، والله يعلم أني غير حريص على الفتيا، ومن علم أن كلامه من عمله محصىً له مسؤولٌ عنه قلَّ كلامه بغير يقين، ولو أنك يا هذا تشغل نفسك بالكرب لِما حدث في الناس من كون خُطَّةٍ يُتنافس قيها للرياسة حتى إذا غاب الذي ولاه السلطان ووفقه الله تعادى الناس من الإمامة خلفَ كل هُمَزَةٍ لمزة واتقاء شر من هو شر الناس الذين يُتَّقَوْنَ بشرهم حتى تُعطَّل صلاة الجماعة ولا يُعمر بها المساجد وتقرَّ عين إبليس بحرمان صلاة الجماعة وفضل السبع وعشرين درجة، لكان أولى بك من أن تتورع عن الصلاة خلف من لا تدري مذهبه وحسبنا الله ونعم الوكيل.

ـ[أبو حفص العكاري]ــــــــ[29 - 12 - 03, 11:34 ص]ـ

بارك الله فيكم و جزاكم خير الجزاء و نفع بكم المسلمين اللهم أمين

و لي إستفسار عن قول الإمام ابن حزم -رحمه الله- في النقطة 14 في رسالته هذه حيث يقول بعد سياقه لإسناده:

"

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تفترق أمتي على بضع وسبعين فرقة أعظمها فتنة على أمتي (قوم) يقيسون الأمور برأيهم فيحلون الحرام ويحرمون الحلال فهذا أصح ما في هذا الباب وأنقاها سندا وأما سائر الأحاديث الواردة فيه فمعلولة جدا لم يُدخِلها أحدٌ من أهل الانتقاء في المصنفات والمسندات فاعلمه.

" إنتهى

(ما بين الأقواس كان قومق و أظنه خطأ مطبعي فغيرته بما أثبتت و الله أعلم)

أتذكر بأني قرأت للشيخ الألباني -رحمه الله- كلاماً لا أستحضره الأن فيه تعقيب على إدعاء ابن حزم -رحمه الله- هذا أعني إدعائه عدم صحة سائر روايات الحديث المذكور و كما لا يخفى فقد جانب الإمام ابن حزم هنا الصواب -رحمه الله و جزاه خير الجزاء- فهل لأحد الأخوة الكرام بأن يتحفنا بكلام الألباني -رحمه الله- للفائدة و لكي لا يغتر من قد يجهل أو يشكك في الروايت الأخرى و الله المستعان

و السلام

أبو حفص العكاري

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير