تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ولقد وفق لي شيخنا أبي الفضل بن ناصر- رحمه الله تعالى – وكان يحملني الشيوخ فأسمعني المسند وغيره من الكتب الكبار، وأنا لا أغلم ما يراد مني، وضبط لي مسموعاتي إلى أن بلغت، فناولني ثبتها، ولازمته إلى أن توفي- رحمه الله تعالى-، فنلت به معرفة الحديث والنقل0

ولقد كان الصبيان ينزلون إلى دجلة ويتفرجون على الجسر وأنا في زمن الصغر آخذا جزءا وأقعد حجزة من الناس إلى جانب الرّقة فأتشاغل بالعلم0

ثم ألهمت الزهد فسردت الصوم وتشاغلت بالتقلل من الطعام وألزمت نفسي الصبر فاستمرت وشمرت ولازمت وعالجت السهر، ولم أقنع بفن من العلوم، بل كنت أسمع الفقه والوعظ والحديث، واتبع الزهاد، ثم قرأت اللغة ولم أترك أحدا ممن يروي ويعظ، ولا غريبا يقدم إلا وأحضره، وأتخيّر الفضائل، وكنت إذا عرض لي أمران أقدم في أغلب الأحوال حق الحق0 فأحسن الله تدبيري وتربيتي وأجراني على ما هو الأصلح لي ودفع عني الأعداء والحساد ومن يكيدني، [و] هيأ لي أسباب العلم، وبعث إليّ الكتب من حيث لا أحتسب0 ورزقني الفهم وسرعة الحفظ والخط وجودة التصنيف0 ولم يعوزني شيئا من الدنيا، بل ساق إليّ من الرزق مقدار الكفاية وأزيد، ووضع لي القبول في قلوب الخلق فوق الحد، وأوقع كلامي في نفوسهم فلا يرتابون بصحته، وقد أسلم على يدي نحو مائتين من أهل الذّمة ولقد تاب في مجالسي أكثر من مائة ألف، وقد قطعت أكثر من عشرين ألف سالف مما يتعاناه الجهال0

ولقد كنت أدور على المشايخ لسماع الحديث فينقطع نفسي من العدو لئلا أسبق، وكنت أصبح وليس لي مأكل، وأمسي وليس لي مأكل، ما أذلني الله لمخلوق قط0 ولكنه ساق رزقي لصيانة عرضي0 ولو شرحت لك أحوالي لطال الشرح0

وها أنا قد ترى ما آلت حالي إليه، وأنا أجمعه لك في كلمة واحدة هي قوله تعالى: ((واتّقوا الله ويعلمكم الله)) 0

وقال أيضا- رحمه الله تعالى-: ((فإذا أعدت درسك إلى وقت الضحى الأعلى، فصلّ الضحى ثماني ركعات، ثم تشاغل بمطالعة أو نسخ إلى وقت العصر، ثم عد إلى درسك من بعد العصر إلأى وقت المغرب وصلّ بعد المغرب ركعتين بجزأين، فإذا صليت العشاء فعد على دروسك ثم اضطجع على شقك الأيمن فسبّح ثلاثا وثلاثين، وأحمد ثلاثا وثلاثين، وكبّر أربعا وثلاثين، وقل: (اللهم قني عذابك يوم تجمع عبادك) 00

وإذا فتحت عينيك من النوم فاعلم أن النفس قد أخذت حظها فقم إلى الوضوء وصلّ في ظلام الليل ما أمكن، واستفتح بركعتين خفيفتين، ثم بعدهما ركعتين بجزأين من القرآن، ثم تعود إلى درس العلم، فإن العلم أفضل من كلّ نافلة)) 0

ثم قال- رحمه الله تعالى-: ((وعليك بالعزلة فهي أصل كل خير، واحذر من جليس السوء، وليكن جلساؤك الكتب والنظر في سير الكاملين في العلم والعمل، ولا تقنع بالدون، فقد قال الشاعر:

ولم أرى في عيوب الناس عيبا &&&&&&&&& كنقص القادرين على التمام0

واعلم أن العلم يرفع الأرذال فقد كان خلق كثير من العلماء لا نسب لهم يذكر ولا صورة تستحسن0

وكان عطاء بن أبي رباح أسود اللون مستوحش الخلقة، وجاء إليه سليمان بن عبدالملك- وهو خليفة ومعه ولده- فجلسوا يسألونه عن المناسك، فحدّثهم وهو معرض عنهم بوجهه، فقال الخليفة لولديه: (قوما ولا تنيا ولا تكاسلا في طلب العلم، فما أنسى ذلنا بين يدي هذا العبد الأسود) 0

وكان الحسن مولى- أي مملوكا- وابن سيرين- ومكحول- وخلق كثير وإنما شرفوا بالعلم والتقوى)) 0

ـ[مسلم الحربي]ــــــــ[02 - 01 - 04, 05:40 ص]ـ

رابعا: تحذير الطلاب والتلاميذ من بعض الكتب والمؤلفات، وذكر بعض الأمثلة والنقولات لتحذير العلماء من هذه المؤلفات0

دأب علمائنا منذ أن ظهرت أول بدعة في الإسلام على إحقاق الحق، وإبطال الباطل، مدافعين بذلك عن دين الله ذابّين عن حياضه، حتى أصبح ستر- أهل الضلالة- منفضحا، ونظامهم متصدعا، وجمعهم متبددا، وصاروا بعد ذلك عبابيد وانفضوا شماطيط0

ومن هذه الجهود الدفاعية؛ ما قام به علمائنا قديما وحديثا، من التحذير من كتب أهل البدع والضلال، فما زال- بحمد الله وفضله-في كلّ عصر ومصر من يبين ما حوته تلك الكتب من الضلال والكفر والإنحلال0 ومن هؤلاء العلماء الأفذاذ:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير