تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

كان الشيخ عبد المجيد سليم له صلابة في الحق و إباء للضيم ومما يذكر له من مواقفه المشرفة أن الشيخ وكان مفتياً للديار المصرية وصل إليه سؤال من إحدى المجلات عن مدى شرعية إقامة الحفلات الراقصة في قصور الكبار، وقد حمل رسالة المجلة إليه أحد أمناء الفتوى في دار الإفتاء، ولفت نظره إلى أن المجلة التي طلبت الفتوى من المجلات المعارضة للملك، وأن الملك قد أقام حفلا راقصا في قصر عابدين، فالفتوى إذن سياسية، وليس مقصوداً بها بيان الحكم الديني. وتريد المجلة بذلك الوقيعة بينه وبين الملك، إلى جانب التعريض بالتصرف الملكي وصولاً إلى هدف سياسي.

فقال فضيلته: وماذا في ذلك؟ إن المفتي إذا سُئل لابد أن يجيب ما دام يعلم الحكم، وأصدر المفتي فتواه بحرمة هذه الحفلات، ونشرت المجلة الفتوى مؤيدة بالأدلة الشرعية. وحدثت الأزمة بين الملك والمفتي، وصمم الملك على الانتقام من المفتي، الذي كانت فتواه سبباً في إحراج موقفه السياسي.

وعلي إثر هذه الفتوى وجه الديوان الملكي الدعوة إلى الشيخ عبد المجيد سليم لحضور صلاة الجمعة مع الملك في مسجد قصر عابدين، وهو القصر الذي أُقيم فيه الحفل الراقص، فذهب المفتي وجلس في المكان المخصص له، وحين حضر الملك جلس في مكانه بالصف الأول، وبعد انتهاء الصلاة وقف كبار المصلين لمصافحة الملك بعد الصلاة قبل أن يدخل إلى حديقة القصر من الباب الداخلي للمسجد المؤدي إلى الحديقة، ووقف المفتي في مكانه استعداداً لهذه المصافحة الملكية، وكان كل من يأتي عليه الدور للمصافحة يرفع يده قبل أن يدركه الملك استعداداً لمصافحته، لكن الشيخ عبد المجيد سليم هدته فطرته الإيمانية إلى عدم رفع يده، وكانت نية الملك أن يترك يد الشيخ ممدودة للمصافحة دون أن يصافحه، ويكون في ذلك عقابه والانتقام منه، لكن إيمان الشيخ أنقذه

كما يذكر له من مواقفه المشرفة أن الملك فؤاد حاول أن يستبدل ببعض ممتلكاته الجديبة الجرداء، أرضاً مخصبة من أملاك الأوقاف وتلمس الفتوى الميسرة من الشيخ عبد المجيد فأعلن الشيخ في وضوح ساطع أن الاستبدال باطل لأنه لايجوز لغير مصلحة الوقف، وهي هاهنا مفقودة.

الشيخ محمد بخيت المطيعي

وأخيرًا تعالوا بنا إلى العهد القريب، لتعلموا ما صنع مفتي الديار المصرية السابق الشيخ محمد بخيت المطيعي - رحمه الله - فقد لطم الاستعمار لطمة قاسية، حين أصدر فتوى دينية وطنية في مقاطعة الإنجليز، فسرت مسرى النار في الهشيم، وبددت ما نسج من الأحلام والأمنيات، ولقد كان الشيخ بخيت أكبر مفتٍ للإسلام في عصره، ورفض ثروة مغرية قُدمت إليه حين أصدر فتوى إسلامية في وقف من الأوقاف قائلاً كلمته الجليلة: "العلم في الإسلام لا يباع"، ولعمري إن هذه الجملة الصغيرة على إيجازها العجيب، قانون إسلامي خالد يجب أن يتردد ويذاع، ليؤمن به المسلمون ويعملوا به.

الشيخ المراغي

كان الشيخ المراغي حازماً في قضاياه لا ترهبه سلطة أو يخضع لابتزاز، ونذكر له هنا من مواقفه المشرفة وهو ينظر قضية كبيرة تتعلق بملايين الجنيهات، لوح له أصحابها ببعض الألوف حتى يصدر الحكم لصالحهم، ولكنه رفض في شجاعة فلابد أن يأخذ العدل مجراه، فألقي أصحاب القضية بواسطة بعض البلطجية عليه ماء النار.

ومحنة أخرى تعرض لها أثناء توليه القضاء، فعندما طلق الملك فاروق زوجته الملكة فريدة، أراد الملك أن يُحرم عليها الزواج من بعده، ورفض المراغي أن يصدر فتوى بذلك، وذهب الملك إليه، وكان يعالج في مستشفى المواساة إثر إصابته بماء النار، فقال المراغي كلمته المشهورة: فأما الطلاق فلا أرضاه، وأما التحريم فلا أملكه. ولما غلظ عليه فاروق صاح الشيخ: إن المراغي لا يستطيع أن يُحرم ما أحل الله.

الشيخ محمد أبو زهرة

دُعي الشيخ أبو زهرة إلى ندوة إسلامية كبرى بإحدى العواصم العربية التي اشتهرت بالثورية، وكان ضيوف الندوة من كبار العلماء في العالم الإسلامى. أراد حاكم هذه الدولة أن يجعلهم يؤيدون ما يذهب إليه، ويوم افتتاح الندوة حضر رئيس الدولة ليلقي كلمة الافتتاح، ويقول إنه دعا إلى هذه الندوة ليقرر العلماء أن الاشتراكية هى المذهب الإسلامى، وأن يدافعوا عن هذا الرأي.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير