[مع أغلى كتاب]
ـ[د. محمد ناجي مشرح]ــــــــ[04 - 01 - 04, 04:51 م]ـ
المشاهد وأثرها النفسي والتربوي
المشهد الثالث العرض الماكر
هذا المشهد الثالث عبارة عن جلسة تضم يعقوب وأولاده وهم يعرضون عليه خروج يوسف معهم ليرتع ويلعب! وقد كان العرض مصحوبا بالعتاب وهو مدخل نفسي مهم في استخراج المراد فهذا أبوهم والمعاتبة قد تؤثر على النفس ولو كان العتاب من غير قريب فكيف إذا كان من قريب! والمدخل النفسي الثاني حاجة يوسف ليرتع ويلعب! ولا ريب أن يوسف كان بحاجة إلى ذلك.وقد كانا مدخلين شيطانيين أثرا على نفس يعقوب وإن كان قد عرض وجهة نظره واستعطف بنوتهم في الحزن الذي يلحقه لو وقع مكروه بيوسف وهم عنه غافلون وهو عرض يحمل مدخلا نفسيا مهما أيضا لكن النفوس التي قد تأبطت الشر والكيد واللؤم لا تؤثر عليها المداخل النفسية إلا أن يشاء الله تعالى فقد أصروا على رأيهم ولم يأبهوا لعرض أبيهم الحزين الذي تتفتق له النفوس البريئة الخالية من الكيد والحقد والمكر قال الله تعالى وهو يصور هذا المشهد
{قَالُوا يَاأَبَانَا مَا لَكَ لَا تَأْمَنَّا عَلَى يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُ لَنَاصِحُونَ (11) أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَدًا يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (12) قَالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ وَأَخَافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنْتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ (13) قَالُوا لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّا إِذًا لَخَاسِرُونَ (14)} ()
وينتهي المشهد الثالث بما حمل من مخاوف على يوسف من قبل الجمهور المتلقي وقد شد هم إلى الأمر شدا ... ينتهي وقد عرض عددا من اللمسات التربوية للمستقبلين لمن عنده تقبل لذلك وخلت نفسه من الموانع الذاتية والخارجية ومن هذه اللمسات التربوية التحذيرية التي يمكن أن تستقى من المشهد وتؤثر على المستقبل:
الأولى الحذر والحيطة من معسول ا لكلام وبخاصة ممن يتوقع منه شرا سواء أكان عدوا أو صديقا.والثقة بمن هذا حاله مخاطرة بالموثوق عليه والتضحية به في ملابسات؛ الحيطة هي المقدمة على غيرها وبخاصة ممن لم يكن نبيا يوحى إليه. ولا ريب أن الذي اختاره الله ليوسف هو الخير؛ لكن المعول عليه هنا هو الاعتبار والاتعاظ من واقع الحوادث التي تتضمنها النصوص؛ إن كلام أخوة يوسف المعسول كان يخفي وراءه الكيد العظيم. ولا أعني هنا أن تنزع الثقة بين الناس لكن ما أقصده هو أن لا تصل هذه الثقة إلى العدو أو إلى الصديق الذي تخشى غوائله ومكره ومكيدته.
الثانية الحذر من الحقد فإنه يورد صاحبه المهالك في تصرفاته التي يبنيها على الحقد ضد شخص أو أشخاص أبرياء غافلين عما يدبر ضدهم ومن أظلم ممن هذا تصرفه؛ يظلم الناس بناء على أوهام بتوهمها وتخيلات يتخيلها أو نعمة مسداة من الله إلى أحد من عباد ه.
الثالثة الحذر من الانخلاع من الرحمة فقد يخطئ الإنسان نعم لكن لا ينبغي أن يصر على الخطأ إلى النهاية وهو يقدر على أن يتلافاه وبخاصة إذا كان يتعلق بما يدعو إلى الرحمة كما وقع ليوسف وأبيه عليهما السلام فإن حالهما يدعو إلى الرحمة ولو كانت القلوب التي ارتكبت الحدث من حجارة للانت ولقد كان بإمكان أخوة يوسف أن يعودوا إلى رشد هم ويعتذروا لأبيهم
الاعتذار الصادق ويرجعوا يوسف إلى أبيه وكانوا قادرين على ذلك. و يالله كم يحصل لبعض الدعاة ولذ ويهم من الأذى ما يندى له الجبين وتتحرك له الجبال الصماء ولا يتحرك قلوب من تسببوا لذلك مع أنهم قادرون على أن يعودوا من غيهم فالله المستعان وعليه التكلان و للأسف الشديد أن ذلك يقع في الشعوب الإسلامية.