تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[حكم من حلف بالطلاق ثلاثا]

ـ[عبد الرحمن بن طلاع المخلف]ــــــــ[08 - 01 - 04, 04:05 ص]ـ

الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله

ما ذكرته من قول أخيك أنه حلف بالطلاق ثلاثا أن لا يركب سيارة أخيه فهذا من الأيمان و ليس من الطلاق و لا من النذر فكل ما لم يحد له الشرع حدا و ليس له في اللغة حد رجع فيه إلى عرف الناس قال بن تيمية رحمه الله (و " الْأَقْسَامُ ثَلَاثَةٌ " فَمَا لَهُ حَدٌّ فِي الشَّرْعِ أَوْ اللُّغَةِ رَجَعَ فِي ذَلِكَ إلَيْهِمَا. وَمَا لَيْسَ لَهُ حَدٌّ فِيهِمَا رَجَعَ فِيهِ إلَى الْعُرْفِ) فعلى هذا لا يلزم منه أنه إذا ركب السيارة أن زوجته تطلق لأنه ليس بطلاق بل يمين قال شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله (وَمَا ذَكَرْته مِنْ النُّصُوصِ قَدْ اسْتَدَلَّ بِهِ الصَّحَابَةُ وَغَيْرُهُمْ مِنْ الْعُلَمَاءِ فِي هَذَا الْجِنْسِ فَأَفْتَوْا مَنْ حَلَفَ فَقَالَ: إنْ فَعَلْت كَذَا فَمَالِي هَدْيٌ وَعَبِيدِي أَحْرَارٌ وَنَحْوَ ذَاكَ: بِأَنْ يُكَفِّرَ يَمِينَهُ فَجَعَلُوا هَذَا يَمِينًا مُكَفِّرَةً؛ وَكَذَلِكَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ عُلَمَاءِ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ جَعَلُوا هَذَا مُتَنَاوِلًا لِلْحَلِفِ بِالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَيْمَانِ وَجَعَلُوا كُلَّ يَمِينٍ يَحْلِفُ بِهَا الْحَالِفُ فَفِيهَا كَفَّارَةُ يَمِينٍ وَإِنْ عَظُمَتْ. وَقَدْ ظَنَّ طَائِفَةٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ أَنَّ هَذَا الضَّرْبَ فِيهِ شِبْهٌ مِنْ النَّذْرِ وَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَشِبْهٌ مِنْ الْأَيْمَانِ؛ وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ بَلْ هَذِهِ أَيْمَانٌ مَحْضَةٌ؛ لَيْسَتْ نَذْرًا وَلَا طَلَاقًا. وَلَا عَتَاقًا وَإِنَّمَا يُسَمِّيهَا بَعْضُ الْفُقَهَاءِ " نَذْرُ اللَّجَاجِ وَالْغَضَبِ " تَسْمِيَةً مُقَيَّدَةً وَلَا يَقْتَضِي ذَلِكَ أَنَّهَا تَدْخُلُ فِي اسْمِ النَّذْرِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ. وَأَئِمَّةُ الْفُقَهَاءِ الَّذِينَ اتَّبَعُوا الصَّحَابَةَ بَيَّنُوا أَنَّ هَذِهِ أَيْمَانٌ مَحْضَةٌ كَمَا قَرَّرَ ذَلِكَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَد وَغَيْرُهُمَا فِي الْحَلِفِ بِالنَّذْرِ؛ لَكِنْ هِيَ أَيْمَانٌ عَلَّقَ الْحِنْثَ فِيهَا عَلَى شَيْئَيْنِ " أَحَدُهُمَا " فِعْلُ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ: و " الثَّانِي " عَدَمُ إيقَاعِ الْمَحْلُوفِ بِهِ).

و إذا أراد أن يركب سيارة أخيه فليكفر عن يمينه و يأتي الذي هو خير كما في الحديث الصحيح " مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ، فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا، فَلْيَأْتِهَا، وَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ " و كفارة اليمين هي المذكورة في سورة المائدة {لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُواْ أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} (89) سورة المائدة و هل كفارة اليمين هنا على الترتيب أم على التخيير قال بن كثير رحمه الله (فَهَذِهِ خِصَال ثَلَاث فِي كَفَّارَة الْيَمِين أَيّهَا فَعَلَ الْحَانِثُ أَجْزَأَ عَنْهُ بِالْإِجْمَاعِ وَقَدْ بَدَأَ بِالْأَسْهَلِ فَالْأَسْهَل فَالْإِطْعَام أَسْهَلُ وَأَيْسَرُ مِنْ الْكِسْوَة كَمَا أَنَّ الْكِسْوَة أَيْسَرُ مِنْ الْعِتْق فَتَرَقَّى فِيهَا مِنْ الْأَدْنَى إِلَى الْأَعْلَى فَإِنْ لَمْ يَقْدِر الْمُكَلَّف عَلَى وَاحِدَة مِنْ هَذِهِ الْخِصَال الثَّلَاث كَفَّرَ بِصِيَامِ ثَلَاثَة أَيَّام كَمَا قَالَ تَعَالَى " فَمَنْ لَمْ يَجِد فَصِيَام ثَلَاثَة أَيَّام ".

ثم هل الإطعام و الكسوة له قدر شرعي معين أم يرجع فيه للعرف قال شيخ الإسلام بن تيمية

(فَصْلٌ وَكَذَلِكَ لَفْظُ الْإِطْعَامِ لِعَشَرَةِ مَسَاكِينَ لَمْ يُقَدِّرْهُ الشَّرْعُ بَلْ كَمَا قَالَ اللَّهُ: {مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ} وَكُلُّ بَلَدٍ يُطْعِمُونَ مِنْ أَوْسَطِ مَا يَأْكُلُونَ كِفَايَةَ غَيْرِهِ ..... . فَهَذِهِ الْأَلْفَاظُ كُلُّهَا لَيْسَ لَهَا حَدٌّ فِي اللُّغَةِ وَلَكِنْ يَرْجِعُ إلَى عَادَاتِ النَّاسِ فَإِنْ كَانَ الشَّرْعُ قَدْ حَدَّ لِبَعْضِ حَدًّا كَانَ اتِّبَاعُهُ وَاجِبًا).

فلفظ الإطعام و الكسوة في الكفارة لم يحد له الشارع حدا و ليس له في اللغة حد فالمرجع فيه إلى العرف فيعطى المساكين ما فيه كفايتهم و يكسون ما فيه ستر لهم.

و الله اعلم

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير