[شبهة في زيادة أواختراع ذكر غير وارد في الصلاة، والجواب عليها:]
ـ[أبو عمر السمرقندي]ــــــــ[10 - 01 - 04, 04:14 ص]ـ
[شبهة في زيادة أواختراع ذكر غير وارد في الصلاة، والجواب عليها:]
عَنْ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ الزُّرَقِيِّ، قَالَ كُنَّا يَوْمًا نُصَلِّي وَرَاءَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَلَمَّا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرَّكْعَةِ قَالَ " سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ ".
قَالَ رَجُلٌ وَرَاءَهُ: رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ، حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ: " مَنِ الْمُتَكَلِّمُ "؟
قَالَ: أَنَا.
قَالَ: " رَأَيْتُ بِضْعَةً وَثَلاَثِينَ مَلَكًا يَبْتَدِرُونَهَا، أَيُّهُمْ يَكْتُبُهَا أَوَّلُ ".
- قال أبو عمر السمرقندي رضي الله عنه:
قد استدل بغلط مفهوم هذا الحديث بعض الناس - من روَّاد التصوف والخرافة والحدث - = على جواز إحداث ذكر في الصلاة غيرمأثور إذا كان غير مخالف للمأثور.
• إذ فرحوا بقول الحافظ ابن حجر في الفتح (2/ 287): ((واسْتُدِلَّ به على جواز إحداث ذكر في الصلاة غير ماثور إذا كان غير مخالف للمأثور)).
• وكذا ما نقله عنه الشوكاني بالنص في نيل الأوطار (2/ 371)؛ إذ قال: ((والحديث استدل به على جواز إحداث ذكر في مأثور إذا مخالف للمأثور)).
• قال أبو عمر: قول ابن حجر: (واستُدِلَّ به على جواز إحداث ذكر ... ) = إنما هو نقلٌ عن غيره؛ دون إقرار ولا نفي، وهذا واضح بيِّن.
• وليس فيه إقرار للشوكاني على هذا القول، والشوكاني معروفٌ عنه النقل المجرَّد عن الفتح دونما عزو، و هذا منه، ثم هو لم يتبنه ولا أيَّده.
• ثم جاء المباركفوري فقال في التحفة: ((والحديث استدل به على أن العاطس في الصلاة يحمد الله بغير كراهة وعلى جواز إحداث ذكر في الصلاة غير مأثور إذا كان غير مخالف للمأثور ... قاله الحافظ)).
• والمتأمل في كلامي ابن حجر والشوكاني يعلم أنهما نقلا هذا الاستدلال دون تعليق، بصرف النظر عن أن يقولا به أو لا.
• ومن المعهود أن كثيراً من العلماء، ينقلون كل ما قيل في الحديث وما استدل به؛ بصرف النظر عن رأيهم فيه.
• وهذا أوضح من أن يستدلَّ له، ولو ثبت أن قالا به فقد تقدم الجواب عنه سلفاً.
• وأما ما نسبه المباركفوري للحافظ فهذا فهم له، والحمدلله الذي أبقى لنا كلام الحافظ حتى نراه ونفهمه على الصواب.
• وما يبين بطلان نسبة هذا الكلام - الذي نقله ابن حجر وعنه الشوكاني - ووهاء الاستدلال به وجوه يلي سردها:
- الأول: أنَّ الذكر الذي قاله هذا الرجل قد اطلع عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأقرَّه عليه، زمن نزول الوحي عليه.
• ومن المعلوم بداهةً أنَّ ماكان زمن الوحي مغاير لما أحدث بعده.
• هذا من جهة الحكم.
- الثاني: أننا مقيدون بما ورد دون ما لم يرد.
• إذ لو كان الحكم مطلقاً لطردناه في جميع أحوال الصلاة إلاَّ ما استثني، وهذا مما لا يقول به أحد.
- الثالث: ومن جهة حصول الفضيلة بالذكر، وهو مغرز الفائدة من هذا البحث، عند من يروم طرحه وإثبات ما يحاول إثباته - ككثير من أدعياء التصوّف والمعرفة المزعومة - = فإنَّ هذا الذكر قد حصلت فيه هذه الفضيلة بإلهام الله لهذا الرجل، ثم إقرار الشارع له.
• فهل يزعم امرؤٌ أنَّ ما يحدثه من ذكر غير المأثور له فضيلة مثل هذه الفضيلة.
• إن كان الجواب بـ (نعم) فالمطالبة بالدليل،
• وليس ثمة نصف دليل عليه؟!
• وإن كان الجواب (لا) وهو المتحتم؛ فكيف نشتغل بذكر هو أدنى فضيلة من الذكر المأثور.
• إذ لا ريب أنَّ المأثور خير من غيره.
• فالاشتغال - إذن - بأذكار أخرى من غير الوارد لا فائدة ترجى من ورائه إطلاقاً.
• إذ لو سلم من البدعية لكان أدنى أحواله: استعاضة الذي هو أدنى بالذي هو خير.
• وهذا في كل الأدعية؛ بله الصلاة، وهي أولى.
- الرابع: تنبيه وإتمام:
• هذا الحديث قد روي، واختلفت روايته في ذكر موضع هذا الدعاء الذي قاله هذا الرجل.
• ففي بعض رواياته أنه كانت في دعاء الاستفتاح؛ كما عند مسلم وابن خزيمة وابن حبان وغيرهما.
• وفي بعضها أنه بعد الركوع؛ كما في الصحيح وابن حبان وغيرهما.
• وفي بعضها: أنه قالها الرجل بعد أن عطس في الصلاة كما في المستدرك وغيره.
¥