[حكم الكتابة على القبر]
ـ[عبد الرحمن بن طلاع المخلف]ــــــــ[14 - 01 - 04, 07:07 م]ـ
الحمد الله و الصلاة و السلام على رسول الله
الكتابة على القبر من حيث هي كتابة سواء كانت كتابة للآيات أم غيرها ككتابة الأسماء أو تاريخ الوفاة او غيرها محرمة بنص حديث النبي صلى الله عليه و سلم الذي أخرجه أبو داود و الترمذي و قال الترمذي رحمه الله (حسن صحيح) و صححه الألباني رحمه الله (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تجصص القبور وأن يكتب عليها وأن يبنى عليها، وأن توطأ) و هذا النهي إنما هو سد لذريعة الشرك و عبادة القبور من دون الله تعالى و الأصل أن كل ما هو ذريعة للحرام فهو حرام.
فالكتابة في ذاتها ليست شركا و إنما بدعة محدثة و لكن لما كانت هذه البدعة وسيلة و ذريعة اتخذها الشيطان إستدراجا للناس لتعظيم القبور و عبادتها من دون الله تعالى حرم هذه الفعل.
وقد أضل الشيطان قوم نوح في مثل هذه الذرائع فعن ابن عباس رضي الله عنهما (صارت الأوثان التي كانت في قوم نوح في العرب بعد، أما ود: كانت لكلب بدومة الجندل، وأما سواع: كانت لهذيل، وأما يغوث: فكانت لمراد، ثم لبني غطيف بالجوف عند سبأ، وأما يعوق: فكانت لهمدان، وأما نسر: فكانت لحمير، لآل ذي الكلاع، أسماء رجال صالحين من قوم نوح، فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم: أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون أنصابا وسموها بأسمائهم، ففعلوا، فلم تعبد، حتى إذا هلك أولئك، وتنسخ العلم عبدت).
فيجب الحذر كل الحذر من خطوات الشيطان خاصة فيما تعلق بأصل الدين و الإيمان قال تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَن يَشَاء وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} (21) سورة النور فقد بين الله تعالى مآل هذه الخطوات و هو الولوج بالمنكرات و الفواحش و من أعظم المنكرات عبادة غير الله فليس هناك منكر أعظم من ترك عبادة الخالق المنعم الرازق و عبادة غيره من المخلوقات التي لا تملك لنفسها نفعا و لا ضرا.
ثم بين الله تعالى بأن من تزكى فعبد الله تعالى حق العبادة و ترك كا نهى الله تعالى عنه و فعل ما أمره الله تعالى إنما هذا بفضل الله تعالى و حده فهو الذي يهدي من يشاء و يضل من يشاء كما قال تعالى {قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ} (58) سورة يونس و يهدي الله تعالى من يشاء لحكمة لا مجرد المشيئة كما يقوله بعض أهل البدع بأن الله تعالى لا يفعل لشئ فنفوا حكم الله تعالى و تعليله لأفعاله فخالفوا بذلك الكتاب و السنة و اجماع الصحابة و التابعين و أهل السنة و الجماعة.
و قد نهى النبي صلى الله عليه و سلم عن كثير من الأفعال التي يقوم بها بعض الناس عند القبور المؤدية للشرك و عبادة غير الله و قد جمع بن القيم رحمه الله أكثر هذه المناهي في هذا الموضع فقال (ومن جمع بين سنة رسول الله في القبور و ما أمر به و نهى عنه وما كان عليه أصحابه وبين ما عليه أكثر الناس اليوم رأي أحدهما مضادا للآخر مناقضا له بحيث لا يجتمعان أبدا
فنهى رسول الله عن الصلاة إلى القبور وهؤلاء يصلون عندها و نهى عن اتخاذها مساجد و هؤلاء يبنون عليها المساجد و يسمونها مشاهد مضاهاة لبيوت الله تعالى
ونهى عن إيقاد السرج عليها و هؤلاء يوقفون الوقوف على إيقاد القناديل عليها
و نهى أن تتخذ عيدا و هؤلاء يتخذونها أعيادا ومناسك ويجتمعون لها كاجتماعهم للعيد أو أكثر
وأمر بتسويتها كما روى مسلم في صحيحه عن أبي الهياج الأسدي قال: قال علي
بن أبي طالب رضي الله عنه: ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول اللهأن لا تدع تمثالا إلا طمسته ولا قبرا مشرفا إلا سويته وفي صحيحه أيضا عن ثمامة بن شفي قال: كنا مع فضالة بن عبيد بأرض الروم برودس فتوفى صاحب لنا فأمر فضالة بقبره فسوي ثم قال: سمعت رسول اللهيأمر بتسويتها وهؤلاء يبالغون في مخالفة هذين الحديثين ويرفعونها عن الأرض كالبيت ويعقدون عليها القباب
¥