تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

و أما الإجماع فقد قال بن عبد البر رحمه الله (ومما يدل على أن قصة أبي العاص منسوخة بقوله: " يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمْ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ " إلى قوله: " ولا تمسكوا بعصم الكوافر " إجماع العلماء على أن أبا العاص بن الربيع كان كافرا وأن المسلمة لا يحل أن تكون زوجة لكافر).

و قال القرطبي رحمه الله في التفسير (قوله تعالى: " وَلَا تُنكِحُوا " أي لا تزوجوا المسلمة من المشرك، وأجمعت الأمة على أن المشرك لا يطأ المؤمنة بوجه لما في ذلك من الغضاضة على الإسلام).

ثم إن هذا الإجماع ضروري فلا زالت الأمة تنتناقل حرمة زواج المسلمة من الكافر قولا و عملا سواء كان الكافر مشرك أو كتابي دون أي نكير من أحد لا من عالم و لا من عامي مع استناد هذا الإجماع على النصوص القرآنية التي تدل على التحريم.

و من آثار الصحابة رضي الله عنهم فقد قال جابر بن عبد الله رضي الله عنهما (نتزوج نساء أهل الكتاب ولا يتزوجون نساءنا).

مسألة أخرى: زواج المسلم بالمجوسية قال شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله (فَصْلٌ وَأَمَّا " الْمَجُوسِيَّةُ " فَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ الْكَلَامَ فِيهَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَصْلَيْنِ. " أَحَدُهُمَا " أَنَّ الْمَجُوسَ لَا تَحِلُّ ذَبَائِحُهُمْ وَلَا تُنْكَحُ نِسَاؤُهُمْ وَالدَّلِيلُ عَلَى هَذَا وُجُوهٌ. " أَحَدُهَا " أَنْ يُقَالَ: لَيْسُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَمَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمْ يَحِلَّ طَعَامُهُ وَلَا نِسَاؤُهُ. أَمَّا الْمُقَدِّمَةُ الْأُولَى فَفِيهَا نِزَاعٌ شَاذٌّ فَالدَّلِيلُ عَلَيْهَا أَنَّهُ سُبْحَانَهُ قَالَ: {وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} {أَنْ تَقُولُوا إنَّمَا أُنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنَا وَإِنْ كُنَّا عَنْ دِرَاسَتِهِمْ لَغَافِلِينَ} فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ أَنْزَلَ الْقُرْآنَ كَرَاهَةَ أَنْ يَقُولُوا ذَلِكَ وَمَنْعًا لِأَنْ يَقُولُوا ذَلِكَ وَدَفْعًا لِأَنْ يَقُولُوا ذَلِكَ فَلَوْ كَانَ قَدْ أُنْزِلَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ طَائِفَتَيْنِ لَكَانَ هَذَا الْقَوْلُ كَذِبًا فَلَا يَحْتَاجُ إلَى مَانِعٍ) ثم ذكر عدة أدلة على خطأ من قال بأن المجوس لهم كتاب ثم قال رحمه الله (فَفِي حَدِيثِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّة وَغَيْرِهِ مِنْ التَّابِعِينَ: {أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَ الْجِزْيَةَ مِنْ الْمَجُوسِ وَقَالَ: سُنُّوا بِهِمْ سُنَّةَ أَهْلِ الْكِتَابِ غَيْرَ نَاكِحِي نِسَائِهِمْ وَلَا آكِلِي ذَبَائِحِهِمْ} وَهَذَا مُرْسَلٌ. وَعَنْ خَمْسَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ تُوَافِقُهُ وَلَمْ يُعْرَفْ عَنْهُمْ خِلَافٌ ...... وَفِي الْآخَرِ هُوَ حُجَّةٌ إذَا عَضَّدَهُ قَوْلُ جُمْهُورِ أَهْلِ الْعِلْمِ وَظَاهِرُ الْقُرْآنِ أَوْ أُرْسِلَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ. وَهَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ. فَمِثْلُ هَذَا الْمُرْسَلِ حُجَّةٌ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ. وَهَذَا الْمُرْسَلُ نَصٌّ فِي خُصُوصِ الْمَسْأَلَةِ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَى أَنْ يُبْنَى عَلَى الْمُتَقَدِّمَيْنِ) إلى أن قال (وَالدِّمَاءُ تُعْصَمُ بِالشُّبُهَاتِ؛ وَلَا تَحِلُّ الْفُرُوجُ وَالذَّبَائِحُ بِالشُّبُهَاتِ).

و قد نقل عن علي رضي الله عنه أن قال بأن للمجوس كتاب ثم رفع قال شيخ الإسلام رحمه الله (قِيلَ: هَذَا الْحَدِيثُ قَدْ ضَعَّفَهُ أَحْمَد وَغَيْرُهُ وَإِنْ صَحَّ فَإِنَّهُ إنَّمَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ لَهُمْ كِتَابٌ فَرُفِعَ لَا أَنَّهُ الْآنَ بِأَيْدِيهِمْ كِتَابٌ).

و قال بن حزم رحمه الله (وَجَائِزٌ لِلْمُسْلِمِ نِكَاحُ الْكِتَابِيَّةِ، وَهِيَ الْيَهُودِيَّةُ، وَالنَّصْرَانِيَّةُ، وَالْمَجُوسِيَّةُ، بِالزَّوَاجِ. وَلاَ يَحِلُّ لَهُ وَطْءُ اَمَةٍ غَيْرِ مُسْلِمَةٍ بِمِلْكِ الْيَمِينِ، وَلاَ نِكَاحُ كَافِرَةٍ غَيْرِ كِتَابِيَّةٍ اَصْلاً).

و أما احتجاج من أجاز الزواج بنساء المجوس بحديث النبي صلى الله عليه و سلم (سنوا بهم سنة أهل الكتاب) فهذا خاص في ضرب الحزية بالإجماع.

ثم إن لفظ الحديث يدل على أنهم ليسوا من أهل الكتاب ففرق النبي صلى الله عليه و سلم بينهم و بين أهل الكتاب و أمرنا أن نلحقهم في الجزية بأهل الكتاب.

الله اعلم

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير