3 ـ الشعار المرفوع هو (التعددية) .. ومن التضليل المعرفي والسياسي والإعلامي والحضاري: حصر مصطلح التعددية في (التعددية الحزبية)، ذلك أن التعددية الحقة الأرحب هي التعددية الكونية الثاوية في تعدد القوميات والألوان والالسنة واديان الناس، وهي تعددية ينبثق منها: تعدد مناهج التشريع، ونظم الحكم، وأنماط المجتمعات، والبنى الثقافية .. ومبتذل للديمقراطية من يرفع شعار التعددية في ذات الوقت الذي لا يؤمن فيه بـ (التعددية الكونية): الأرحب، والاعدل، والارقى، والادوم: «لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا ولو شاء الله لجعلكم امة واحدة».
4 ـ ومن مقتضيات الديمقراطية (شفافية المعلومات) .. هذا من الناحية القولية .. أما من الناحية العملية، فان هذه الشفافية قد علقت أو غابت أو أهدرت في أسطورة أسلحة الدمار الشامل في العراق، وفي ملف (التحقيق في قارعة 11 سبتمبر)، وفيما يجري في جوانتانامو، وفي الغموض الذي يلف شخصيات تؤثر بعمق في القرار، وهي شخصيات غير منتخبة، وغير مسؤولة أمام الشعب!!.
ومن مسؤولية: ضبط الكلم، ووضعه على مواضعه: إثبات النقطتين التاليتين:
1ـ النقطة الأولى هي: أن نقد ابتذال الديمقراطية، ليس تقليلاًَ ـ قط ـ من (قيمة الحرية)، إذ لا قيمة للإنسان بلا حرية، فالإنسان: عقل + حرية + إيمان + كرامة (ـ) استعباد واستبداد وكبت ..
ومن الاحتفاء الصدوق بالحرية: حمايتها من الامتهان والابتذال .. ويتعين علينا: قطع فرحة الطغاة بالقول: إن نقد ابتذال الديمقراطية ليس ترخيصاً لهم بالاستبداد، سواء تمثل الاستبداد في فرد أو حزب. فلا ترخيص ولا معاذير ابداً لعتاة حكم الله عليهم بالخيبة: «وخاب كل جبار عنيد» ولا راد لحكم الله المؤبد فيهم.
2 ـ النقطة الأخرى هي: انه ليس من العقل، ولا من العدل: أن نلوم الاباعد الذين يتبذلون الديمقراطية والحرية، ولا نلوم الأقارب الذين يفعلون الشيء نفسه، فمن قومنا من يكثر التغني بالديمقراطية وهم يعلمون أن علاقتهم بالشعوب المسلمة غير صحية وغير راسخة (بسبب طعنهم في الدين واللغو في شعائره وشرائعه والاغتباط بالديمقراطية بحسبانها نسخا أو إضعافاً له) .. إن هؤلاء يقولون ـ بلسان حالهم ـ: إننا لا نؤمن بما تؤمنين به أيها الشعوب المسلمة، ومع ذلك يجب أن نكون لك سادة وقادة في الفكر والسياسة والإعلام والبرلمان، فإن أبيت فأنت جاهلة غبية (غير ديمقراطية)!! .. أليس هذا ابتذالاًَ قبيحاً جدا جدا جدا للديمقراطية؟
ومن الإنصاف: الصدع بحقيقة أننا لا نعدم العقلاء في عالمنا هذا .. لقد كان الاتحاد الأوروبي عاقلاً واقعياً في هذه القضية حيث رفض: ابتذال الديمقراطية باستعمال سياسة فرضها وإملائها على الدول العربية، وأعلن أن البديل هو التعاون والتفاهم والاحترام، وأنه ـ لذلك ـ أقام علاقات دستورية ومؤسساتية في منطقة الشرق الأوسط والخليج العربي.
ولي تعليقان:
1 - هل الأنظمة التي يهمها مصالحها وتمتلك القوة تستجيب لنداء العقل نتيجة البحث العميق والموضوعية هذا استفسار لا أريد الإجابة عليه ولكني أريد التذكير به ... على أنني لا أقلل من مثل هذه الدراسة العميقة من علماء ومفكرين معروفين لتوجيه الرأي العام المحلي والإقليمي والعالمي فنحن دعاة إلى الله تعالى والنتيجة بيد الله تعالى.
2 - نقد تسييس الدين اشتم من بعض كلام الشيخ في قوله (ان هذا النهج يبتذل الديمقراطية ابتذالاًَ، ويستغلها أبشع استغلال، وهو نهج مثيل لنهج أناس يبتذلون الدين، ويمتهنون قيمه الجليلة بالاستغلال السياسي لها: جهلا وغباء، أو طموحاً سياسياً إلى مكانة لن يصلوا إليها إلا بهذه الوسيلة: في تصورهم وهواهم.)
وهي قضية حساسة لا ينبغي الإجمال فيها؛ فذلك يتوافق مع فهم شريحة من الناس يرددون هذا المصطلح بدون فهم عميق لطبيعة دين الإسلام وقد عانت الأمة منها طويلا فالإسلام لا يهمل شيئا من متطلبات الحياة ومن ذلك السياسة والتسييس والذي ينبغي أن ينطلق من منطلقات الثوابت الإسلامية،وتبقى قضية التجديد فيها منضبطة بضوابط الدين، وأخطاء البعض لا يسد الباب أمام الممارسة السليمة الواعية.
شكرا.