قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (وكذلك أمهات المؤمنين كلهن توفين بالمدينة، فمن قال بظاهر دمشق قبر أم حبيبة أوأم سلمة أوغيرهما فقد كذب، ولكن من الصحابيات بالشام امرأة يقال لها أم سلمة أسماء بنت يزيد بن السكن، فهذه توفيت بالشام، فهذه قبرها محتمل، كما أن قبر بلال ممكن لأنه دفن بباب الصغير بدمشق، فنعلم أنه دفن هناك، وأما القطع بتعيين قبره ففيه نظر، فإنه يقال: إن تلك القبور حَدَثت).
7. القبر المضاف لمعاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه بباب الصغير كذب كذلك
وإنما هو قبر معاوية بن يزيد بن معاوية، الذي تولى الخلافة مدة قصيرة ثم مات، ولم يعهد إلى أحد، وكان فيه دين وصلاح، ولكن لما اشتهر القبر أنه قبر معاوية ظن الناس أنه معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه.
8. القبر المنسوب إلى خالد بن الوليد رضي الله عنه بحمص
هو قبر خالد بن يزيد بن معاوية أخو يزيد – ابن معاوية بن يزيد – ولما اشتهر أنه خالد والمشهور عند العامة خالد بن الوليد ظنوا أنه خالد بن الوليد رضي الله عنه.
9. القبر المنسوب إلى التابعي الجليل أويس القرني رحمه الله غربي دمشق
من المشاهد المكذوبة المشهد المنسوب إلى أويس القرني غربي دمشق، لأن أويساً لم يجئ إلى الشام، وإنما ذهب إلى العراق، وهذا يكذب ما حكاه أبو عبد الرحمن السلمي أن أويساً توفي بدمشق.
10. القبر المنسوب لعلي بن الحسين بمصر
فعلي بن الحسين كما مر توفي بالمدينة ودفن بالبقيع.
هذا قليل من كثير، وغيض من فيض من المشاهد، والقبور، و"البيانات" التي ينسبها الجهال لبعض الأنبياء، والصحابة، والتابعين، ومن بعدهم، هذا بجانب القبور المختلف عليها والمشتبه فيها.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية أن هذه المشاهد حدثت بعد القرون الثلاثة الفاضلة، سيما في عصر دولة بني "بُوَيه" الرافضية ومن تلاهم.
النهي والتحذير من بناء المشاهد والقباب على القبور
لم ينتقل الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى إلا بعد أن دل أمته على كل خير، ونهاهم وحذرهم عن كل شر، من ذلك نهيه وتحذيره لهم من التعلق بالقبور والبناء عليها، وسؤال أصحابها، وإليك الأدلة:
1. قال في مرضه الذي مات فيه: "لعن الله اليهودَ والنصارى، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد"، يحذر ما صنعوا، قالت عائشة: ولولا ذلك لأبرز قبره، ولكن كره أن يتخذ مسجداً". [7]
2. وعن جندب بن عبد الله رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال قبل أن يموت بخمس: "إن من كان قبلكم كانوا يتخذون القبور مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك" [8].
والمراد باتخاذها مساجد الدعاء عندها، والصلاة إليها، وطلب الحاجات من أصحابها، والذبح والنذر لها، سواء بني عليها مسجد أم لا.
3. وفي الموطأ [9]: "اللهم لا تجعل قبري وثناً يعبد، اشتد غضب قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد".
4. وعن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن من شرار الناس من تدركهم الساعة وهم أحياء، والذين يتخذون القبور مساجد". [10]
5. وصح عنه أنه قال: "لا تجلسوا على القبور ولا تصلوا إليها". [11]
6. وعن أبي الهياج الأسدي قال: قال لي علي بن أبي طالب: "ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ ألا أدع قبراً مشرفاً إلا سويته، ولا تمثالاً إلا طمسته" [12]، وفي رواية "صورة"، مما يدل على عدم التفريق بين المجسمات التي لها ظل وما ليس لها ظل.
7. وفي السنن عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لعن الله زوَّارات القبور والمتخذين عليها المساجد والسرج". [13]
8. استشار رجل عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن يبني فسطاطاً على ميت له، فقال له: "لا تفعل، إنما يظله عمله".
9. وفي الصحيحين عن أم سلمة وأم حبيبة رضي الله عنهما أنهما ذكرتا للنبي صلى الله عليه وسلم كنيسة رأينها بأرض الحبشة، وذكرتا حسنها، وتصاوير فيها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجداً وصوَّروا فيه تلك الصور، أولئك شرار الخلق عند الله يوم القيامة". [14]
10. روى حرب الكرماني عن زيد بن ثابت أن ابناً له مات فاشترى غلام له جَصاً وآجُراً ليبني على القبر، فقال له زيد: حفرتَ وكفرتَ، أتريد أن تبني على قبر ابني مسجداً؟ ونهاه عن ذلك.
¥