فلهذا قرن التكذيب بالغفلة وإن تصور ما جاء به الرسول وانصرف فهو معرض عنه كما قال تعالى (فإما يأتينكم منى هدى فمن اتبع هداى فلا يضل ولا يشقى ومن أعرض عن ذكرى فإن له معيشة ضنكا (وكما قال (رأيت المنافقين يصدون عنك صدودا (وكما قال (وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آبائنا (وان كان مع ذلك لا حظ له لا مصدق ولا مكذب ولا محب ولا مبغض فهو فى ريب منه كما أخبر بذلك عن حال كثير من الكفار منافق وغيره كما قال (انما يستأذنك الذين لا يؤمنون بالله واليوم الآخر و ارتابت قلوبهم فهم فى ريبهم يترددون (وكما قال موسى (ألم يأتكم نبأ الذين من قبلكم قوم نوح وعاد وثمود والذين من بعدهم لا يعلمهم الا الله جاءتهم رسلهم بالبينات فردوا أيديهم فى أفواههم وقالوا إنا كفرنا بما أرسلتم به وانا لفى شك مما تدعونا اليه مريب قالت رسلهم أفى الله شك فاطر السموات والأرض يدعوكم ليغفر لكم من ذنوبكم ويؤخركم الى أجل مسمى قالوا ان أنتم الا بشر مثلنا تريدون أن تصدونا عما كان يعبد آباؤنا فأتونا بسلطان مبين قالت لهم رسلهم ان نحن الا بشر مثلكم ولكن الله يمن على من يشاء من عباده وما كان لنا أن نأتيكم بسلطان الا بإذن الله وعلى الله فليتوكل المؤمنون
فأخبر سبحانه عن مناظرة الكفار للرسل فى الربوبية أولا فإنهم فى شك من الله الذى يدعونهم اليه وفى النبوة ثانيا بقولهم (ان أنتم الا بشر مثلنا (وهذا بحث كفار الفلاسفة بعينه وان كان مكذبا له فهو التكذيب والتكذيب أخص من الكفر فكل مكذب لما جاءت به الرسل فهو كافر وليس كل كافر مكذبا بل قد يكون مرتابا ان كان ناظرا فيه أو معرضا عنه بعد أن لم يكن ناظرا فيه وقد يكون غافلا عنه لم يتصوره بحال لكن عقوبة هذا موقوفة على تبليغ المرسل اليه).
فالإرادة التامة مع القدرة التامة لا بد أن يترتب عليهما فعل يدل على ما في القلب فأما إذا انتفى وجود الفعل دل هذا إما على انتفاء علم القلب و هو التصديق أو عمل القلب الذي هو المحبة و الإنقياد و الإستسلام و إنتفاء أحدهما كفر مخرج من الملة بالإجماع فالأول بإجماع المسلمين و الثاني بإجماع أهل السنة و الجماعة.
و الله اعلم.
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[20 - 02 - 04, 04:39 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
جواب في الإيمان و نواقضه
الحمد لله الذي منَّ على من شاء بالإيمان، و صلى الله و سلم على عبده و رسوله و آله و صحبه و من تبعهم بإحسان و سلم تسليماً .. أما بعد:
فقد سأل بعضُ طلاب العلم عن مسألة كثر فيها الخوض في هذه الأيام، و صورة السؤال: هل جنس العمل في الإيمان شرط صحة أو شرط كمال، و هل سوء التربية عذر في كفر من سب الله أو رسوله؟
و الجواب أن يقال: دل الكتاب و السنة على أن الإيمان اسم يشمل:
1 - اعتقاد القلب، و هو تصديقه، و إقراره.
2 - إقرار اللسان.
3 - عمل القلب، و هو انقياده، و إرادته، و ما يتبع ذلك من أعمال القلوب كالتوكل، و الرجال، و الخوف، و المحبة.
4 - عمل الجوارج – و اللسان من الجوارح – و العمل يشمل الأفعال و التروك القولية أو الفعلية.
قال الله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً بَعِيداًً) النساء: 136.
و قال تعالى (فآمنوا بالله و رسوله و النور الذي أنزلنا و الله بما تعملون خبير) التغابن: 8.
و قال تعالى (آمن الرسول بما أُنزل إليه من ربه و المؤمنون كل آمن بالله و ملائكته و كتبه و رسوله) البقرة: 285.
و قال تعالى (إنما المؤمنون الذين إذا ذُكر الله وجلت قلوبهم، و إذا تليت عليهم آياته زادتهم إيماناً و على ربهم يتوكلون [2] الذين يقيمون الصلاة و مما رزقناهم ينفقون [3] أولئك هم المؤمنون حقاً لهم درجات عند ربهم و مغفرة و رزق كريم) الأنفال: 2 - 4.
¥