تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وأما أركان الإسلام بعد الشهادتين فلم يتفق أهل السنة على أن شيئاً منها شرط لصحة الإيمان؛ بمعنى أن تركه كفر، بل اختلفوا في كفر من ترك شيئاً منها، و إن كان أظهر و أعظم ما اختلفوا فيه الصلوات الخمس، لأنها أعظم أركان الإسلام بعد الشهادتين، و لما ورد في خصوصها مما يدل على كفر تارك الصلاة؛ كحديث جابر بن عبد الله قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول: (بين الرجل و بين الشرك و الكفر ترك الصلاة) أخرجه مسلم في صحيحه و غيره، و حديث بريده بن الحصيب قال: قال رسول الله صلى الله عليه نو سلم (إن العهد الذي بيننا و بينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر) أخرجه أصحاب السنن.

وأما سائر الواجبات بعد أركان الإسلام الخمسة فلا يختلف أهل السنة أن فعلها شرط لكمال إيمان العبد، و تركها معصية لا تخرجه من الإيمان.

و ينبغي أن يعلم أن المراد بالشرط هنا معناه الأعم، و هو ما تتوقف الحقيقة على وجوده سواء كان ركناً فيها أو خارجاً عنها، فما قيل فيه هنا أنه شرط للإيمان هو من الإيمان.

و هذا التفصيل كله على مذهب اهل السنة، والجماعة فلا يكون من قال بعدكم كفر تارك الصلاة كسلاً أو غيرها من الأركان مرجئاً، كما لا يكون القائل بكفره حرورياً.

و إنما يكون الرجل من المرجئة بإخراج أعمال القلوب و الجوارح عن مسمى الإيمان فإن قال بوجوب الواجبات، و تحريم المحرمات، و ترتب العقوبات فهو قول مرجئة الفقهاء المعروف و هو الذي أنكره الأئمة، و بينوا مخالفته لنصوص الكتاب و السنة.

و إن قال: لا يضر مع الإيمان ذنب، و الإيمان هو المعرفة، فهو قول غلاة المرجئة الجهمية و هم كفار عند السلف.

و بهذا يظهر الجواب عن مسألة العمل في الإيمان هل هو شرط صحة أو شرط كمال، و مذهب المرجئة في ذلك و هذا و لا أعلم أحداً من الأئمة المتقدمين تكلم بهذا، و إنما ورد في كلام بعض المتأخرين.

و بهذا التقسيم و التفصيل يتهيؤ الجواب عن سؤالين:

أحدهما: بم يدخل الكافر الأصلي في الإسلام، و يثبت له حكمه؟

والثاني: بم يخرج المسلم عن الإسلام، بحيث يصير مرتداً؟

فأما الجواب عن الأول:

فهو أن الكافر يدخل في الإسلام، ويثبت له حكمه بالإقرار بالشهادتين (شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله) فمن أقر بذلك بلسانه دون قلبه ثبت له حكم الإسلام ظاهراً، و إن أقر بذلك ظاهراً و باطناً كان مسلماً على الحقيقة و معه أصل الإيمان، إذ لا إسلام إلا بإيمان، و لا إيمان إلا بإسلام.

و هذا الإقرار الذي تثبت به حقيقة الإسلام يشمل ثلاثة أمور: تصديق القلب، وانقياده، ونطق اللسان؛ و بانقياد القلب و نطق اللسان يتحقق الإقرار ظاهراً و باطناً، و ذلك يتضمن ما يعرف عن أهل العلم بالتزام شرائع الإسلام؛ و هو الإيمان بالرسول صلى الله عليه و سلم و بما جاءه به و عقدُ القلب على طاعته، فمن خلا عن هذا الالتزام لم يكن مقراً على الحقيقة.

فأما التصديق: فضده التكذيب و الشك و الإعراض.

وأما الإنقياد: فإنه يتضمن الاستجابة، والمحبة، والرضا والقبول، وضد ذلك الإباء، و الاستكبار و الكراهة لما جاء به الرسول صلى الله عليه و سلم.

و أما النطق باللسان: فضده التكذيب و الإعراض، فمن صدق بقلبه و كذب بلسانه فكفره كفر جحود، و من أقر بلسانه دون قلبه فكفره كفر نفاق.

فنتج عن هذا ستة أنواع من الكفر كلها ضد ما يتحقق به أصل الإسلام و هذه الأنواع هي:

1 - كفر التكذيب.

2 - كفر الشك.

3 - كفر الإعراض.

4 - كفر الإباء.

5 - كفر الجحود.

6 - كفر الإعراض.

و من كفر الإباء و الاستكبار: الامتناع عن متابعة الرسول صلى الله عليه و سلم، و الاستجابة لما يدعو إليه، و لو مع التصديق بالقلب و اللسان، و ذلك ككفر أبي طالب، و كفر من أظهر الاعتراف بنبوة النبي صلى الله عليه و سلم من اليهود و غيرهم.

وأما جواب السؤال الثاني:

وهو ما يخرج به المسلم عن الإسلام بحيث يصير مرتداً، فجماعه ثلاثة أمور:

الأول: ما يضاد الإقرار بالشهادتين، و هو أنواع الكفر الستة المتقدمة، فمتى وقع من المسلم واحد منها نقض إقراره و صار مرتداً.

الثاني: ما يناقض حقيقة الشهادتين (شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله):

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير