تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والمعدوم ثلاثة أقسام معدوم موصوف في الذمة فهذا يجوز بيعه اتفاقا وإن كان أبو شرط في هذا النوع أن يكون وقت العقد في الوجود من حيث الجملة وهذا هو السلم ذكره إن شاء الله تعالى والثاني معدوم تبع للموجود وإن كان أكثر منه وهو نوعان نوع متفق عليه ونوع مختلف فالمتفق عليه بيع الثمار بعد بدو صلاح ثمرة واحدة منها فاتفق الناس على جواز ذلك الصنف الذي بدا صلاح واحدة منه وإن كانت بقية أجزاء الثمار معدومة وقت ولكن جاز بيعها تبعا للموجود وقد يكون المعدوم متصلا بالموجود وقد يكون أخر منفصلة عن الوجود لم تخلق بعد والنوع المختلف فيه كبيع المقاثيء والمباطخ إذا طابت فهذا فيه قولان أحدهما أنه بيعها جملة ويأخذها المشتري شيئا بعد شيء

جرت به العادة ويجري مجرى بيع الثمرة بعد بدو صلاحها وهذا هو الصحيح من الذي استقر عليه عمل الأمة ولا غنى لهم عنه ولم يأت بالمنع منه كتاب ولا ولا إجماع ولا أثر ولا قياس صحيح وهو مذهب مالك وأهل المدينة وأحد القولين في أحمد وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية

والذين قالوا لا يباع إلا لقطة لقطة لا ينضبط قولهم شرعا ولا عرفا ويتعذر العمل غالبا وإن أمكن ففي غاية العسر ويؤدي إلى التنازع والإختلاف الشديد فإن المشتري أخذ الصغار والكبار ولا سيما إذا كان صغاره أطيب من كباره والبائع لا يؤثر وليس في ذلك عرف منضبط وقد تكون المقثأة كثيرة فلا يستوعب المشتري اللقطة حتى يحدث فيها لقطة أخرى ويختلط المبيع بغيره ويتعذر تمييزه ويتعذر أو على صاحب المقثأة أن يحضر لها كل وقت من يشتري ما تجدد فيها ويفرده بعقد وما هكذا فإن الشريعة لا تأتي به فهذا غير مقدور ولا مشروع ولو ألزم الناس به أموالهم وتعطلت مصالحهم ثم إنه يتضمن التفريق بين متماثلين من كل الوجوه فإن الصلاح في المقاثيء بمنزلة بدو الصلاح في الثمار وتلاحق أجزائها كتلاحق أجزاء وجعل ما لم يخلق منها تبعا لما خلق في الصورتين واحد فالتفريق بينهما تفريق متماثلين

ولما رأى هؤلاء ما في بيعها لقطة لقطة من الفساد والتعذر قالوا طريق رفع ذلك بأن أصلها معها ويقال إذا كان بيعها جملة مفسدة عندكم وهو بيع معدوم وغرر فإن هذا يرتفع ببيع العروق التي لا قيمة لها وإن كان لها قيمة فيسيرة جدا بالنسبة إلى المبذول وليس للمشتري في العروق ولا يدفع فيها الجملة من المال وما الذي حصل ببيع العروق معها من لهما حتى شرط وإذا لم يكن بيع أصول الثمار شرطا في صحة بيع الثمرة كالتين والتوت وهي مقصودة فكيف يكون بيع أصول المقاثيء شرطا في صحة وهي غير مقصودة والمقصود أن هذا المعدوم يجوز بيعه تبعا للموجود ولا تأثير وهذا كالمنافع المعقود عليها في الإجارة فإنها معدومة وهي مورد العقد لا يمكن أن تحدث دفعة واحدة والشرائع مبناها على رعاية مصالح العباد وعدم عليهم فيما لا بد لهم منه ولا تتم مصالحهم في معاشهم إلا به

فصل

الثالث معدوم لا يدرى يحصل أو لا يحصل ولا ثقة لبائعه بحصوله بل يكون المشتري منه خطر فهذا الذي منع الشارع بيعه لا لكونه معدوما بل لكونه غررا فمنه صورة النهي تضمنها حديث حكيم بن حزام وابن عمر رضي الله عنهما فإن البائع إذا باع ما ليس ملكه ولا له قدرة على تسليمه ليذهب ويحصله ويسلمه إلى المشتري كان ذلك شبيها والمخاطرة من غير حاجة بهما إلى هذا العقد ولا تتوقف مصلحتهما عليه وكذلك حبل الحبلة وهو بيع حمل ما تحمل ناقته ولا يختص هذا النهي بحمل الحمل بل لو ما تحمل ناقته أو بقرته أو أمته كان من بيوع الجاهلية التي يعتادونها وقد ظن أن بيع السلم مخصوص من النهي عن بيع ما ليس عنده وليس هو كما ظنوه السلم يرد على أمر مضمون في الذمة ثابت فيها مقدور على تسليمه عند محله ولا في ذلك ولا خطر بل هو جعل المال في ذمة المسلم إليه يجب عليه أداؤه عند محله يشبه تأجيل الثمن في ذمة المشتري فهذا شغل لذمة المشتري بالثمن المضمون وهذا لذمة البائع بالمبيع المضمون فهذا لون وبيع ما ليس عنده لون

ورأيت لشيخنا في الحديث فصلا مفيدا وهذه سياقته

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير