تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والتحقيق أنه لا فرق بين لفظ ولفظ فالإعتبار في العقود بحقائقها ومقاصدها لا ألفاظها ونفس بيع الأعيان الحاضرة التي يتأخر قبضها يسمى سلفا إذا عجل له كما في المسند عن النبي أنه نهى يسلم في الحائط بعينه إلا أن يكون قد بدا صلاحه فإذا بدا صلاحه وقال أسلمت إليك عشرة أوسق من تمر هذا الحائط جاز كما يجوز أن يقول ابتعت عشرة أوسق من هذه ولكن الثمن يتأخر قبضه إلى كمال صلاحه فإذا عجل له الثمن قيل له سلف لأن هو الذي تقدم والسالف المتقدم قال الله تعالى فجعلناهم سلفا ومثلا الزخرف 56

والعرب تسمي أول الرواحل السالفة ومنه قول النبي ألحق بسلفنا عثمان بن مظعون وقول الصديق رضي الله عنه لأقاتلنهم حتى تنفرد سالفتي وهي ولفظ السلف يتناول القرض والسلم لأن المقرض أيضا أسلف القرض أي قدمه ومنه هذا لا يحل سلف وبيع ومنه الحديث الآخر أن النبي استسلف بكرا وقضى جملا والذي يبيع ما ليس عنده لا يقصد إلا الربح وهو تاجر فيستلف بسعر ثم يذهب بمثل ذلك الثمن فإنه يكون قد أتعب نفسه لغيره بلا فائدة وإنما يفعل هذا من لغيره فيقول أعطني فأنا أشتري لك هذه السلعة فيكون أمينا أما أنه يبيعها معين يقبضه ثم يذهب فيشتريها بمثل ذلك من غير فائدة في الحال فهذا لا يفعله عاقل نعم إذا كان هناك تاجر فقد يكون إلى الثمن فيستسلفه وينتفع به مدة إلى أن يحصل تلك السلعة فهذا يقع في المؤجل وهو الذي يسمى بيع المفاليس فإنه يكون محتاجا إلى الثمن وهو مفلس عنده في الحال ما يبيعه ولكن له ما ينتظره من مغل أو غيره فيبيعه في الذمة يفعل مع الحاجة ولا يفعل بدونها إلا أن يقصد أن يتجر بالثمن في الحال أو يرى يحصل به من الربح أكثر مما يفوت بالسلم فإن المستسلف يبيع السلعة في الحال ما تساوي نقدا والمسلف يرى أن يشتريها إلى أجل بأرخص مما يكون عند حصولها فلو علم أنها عند طرد الأصل تباع بمثل رأس مال السلم لم يسلم فيها فيذهب نفع بلا فائدة وإذا قصد الأجر أقرضه ذلك قرضا ولا يجعل ذلك سلما إلا إذا ظن أنه الحال أرخص منه وقت حلول الأجل فالسلم المؤجل في الغالب لا يكون إلا مع حاجة إلى الثمن وأما الحال فإن كان عنده فقد يكون محتاجا إلى الثمن فيبيع ما معينا تارة وموصوفا أخرى وأما إذا لم يكن عنده فإنه لا يفعله إلا إذا قصد والربح فيبيعه بسعر ويشتريه بأرخص منه ثم هذا الذي قدره قد يحصل كما قدره وقد لا يحصل له تلك السلعة التي يسلف فيها إلا أغلى مما أسلف فيندم وإن حصلت بسعر أرخص من ذلك قدم السلف إذ كان يمكنه أن هو بذلك الثمن فصار هذا من نوع الميسر والقمار والمخاطرة كبيع العبد الآبق الشارد يباع بدون ثمنه فإن حصل ندم البائع وإن لم يحصل ندم المشتري وكذلك حبل الحبلة وبيع الملاقيح والمضامين ونحو ذلك مما قد يحصل وقد لا يحصل

فبائع ليس عنده من جنس بائع الغرر الذي قد وقد لا يحصل وهو من جنس القمار والميسر والمخاطرة مخاطرتان مخاطرة التجارة أن يشتري السلعة بقصد أن يبيعها ويربح ويتوكل على الله في ذلك والخطر الثاني الذي يتضمن أكل المال بالباطل فهذا الذي حرمه الله تعالى ورسوله مثل بيع والمنابذة وحبل الحبلة والملاقيح والمضامين وبيع الثمار قبل بدو صلاحها هذا النوع يكون أحدهما قد قمر الآخر وظلمه ويتظلم أحدهما من الآخر بخلاف الذي قد اشترى السلعة ثم بعد هذا نقص سعرها فهذا من الله سبحانه ليس لأحد حيلة ولا يتظلم مثل هذا من البائع وبيع ما ليس عنده من قسم القمار والميسر قصد أن يربح على هذا لما باعه ما ليس عنده والمشتري لا يعلم أنه يبيعه ثم من غيره

وأكثر الناس لو علموا ذلك لم يشتروا منه بل يذهبون ويشترون من حيث هو وليست هذه المخاطرة مخاطرة التجار بل مخاطرة المستعجل بالبيع قبل القدرة التسليم فإذا اشترى التاجر السلعة وصارت عنده ملكا وقبضا فحينئذ دخل في خطر التجارة وباع التجارة كما أحله الله بقوله لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون عن تراض منكم النساء 29 والله أعلم) انتهى.

وينظر مجموع الفتاوى لابن تيمية رحمه الله (20/ 529).

وإعلام الموقعين (2/ 19).

ـ[نصب الراية]ــــــــ[19 - 02 - 04, 07:35 ص]ـ

أشكر أخي " عبد الرحمن الفقيه الغامدي " على هذا التوضيح فقد تبين لي أن الحديث عام في تحريم الربح من بيع سلعة قبل امتلاكها

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير