تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

رَجُل مِنْ الْمُسْلِمِينَ , فَقَالَ: وَاَللَّه إِنَّ مَا يَقُول مُحَمَّد حَقّ , وَلَأَنْتَ شَرّ مِنْ الْحِمَار! فَسَعَى بِهَا الرَّجُل إِلَى نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَأَرْسَلَ إِلَى الرَّجُل فَدَعَاهُ , فَقَالَ لَهُ: " مَا حَمَلَك عَلَى الَّذِي قُلْت؟ " فَجَعَلَ يَلْتَعِن وَيَحْلِف بِاَللَّهِ مَا قَالَ ذَلِكَ , قَالَ: وَجَعَلَ الرَّجُل الْمُسْلِم يَقُول: اللَّهُمَّ صِدْق الصَّادِق وَكَذِب الْكَاذِب! فَأَنْزَلَ اللَّه فِي ذَلِكَ: {يَحْلِفُونَ بِاَللَّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ وَاَللَّه وَرَسُوله أَحَقّ أَنْ يُرْضُوهُ إِنْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ}).

فدل ذلك على أن المنافقين لم يكونوا يظهرون الردة دائما بل متى ما ظهر منهم ذلك بادروا إلى إنكاره و التبرئ منه.

و قد تكلم أبو محمد بن حزم رحمه الله في كتابه المحلي كتاب الحدود مسألة من المنافقين و المرتدين ردا على من قال بأن النبي صلى الله عليه و سلم علم المنافقين و مع ذلك لم يقم عليهم حد الردة.

قال أبو محمد رحمه الله ( ... وَنَحْنُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى ذَاكِرُونَ كُلَّ آيَةٍ تَعَلَّقَ بِهَا مُتَعَلَّقٌ فِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَرَّفَ الْمُنَافِقِينَ بِأَعْيَانِهِمْ , وَمُبِينُونَ بِعَوْنِ اللَّهِ تَعَالَى وَتَأْيِيدِهِ أَنَّهُمْ قِسْمَانِ: قِسْمٌ لَمْ يُعَرِّفْهُمْ قَطُّ عليه السلام. وَقِسْمٌ آخَرُ افْتَضَحُوا , فَعَرَّفَهُمْ فَلاَذُوا بِالتَّوْبَةِ , وَلَمْ يُعَرِّفْهُمْ عليه السلام أَنَّهُمْ كَاذِبُونَ أَوْ صَادِقُونَ فِي تَوْبَتِهِمْ فَقَطْ. فَإِذَا بَيَّنَّا هَذَا بِعَوْنِ اللَّهِ تَعَالَى بَطَلَ قَوْلُ مَنْ احْتَجَّ بِأَمْرِ الْمُنَافِقِينَ فِي أَنَّهُ لاَ قَتْلَ عَلَى مُرْتَدٍّ , وَبَقِيَ قَوْلُ: مَنْ رَأَى الْقَتْلَ بِالتَّوْبَةِ.

وَأَمَّا إنَّهُ لاَ يَسْقُطُ بِالتَّوْبَةِ ... ).

و قال رحمه الله (وَقَالَ تَعَالَى {لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَاَلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ} إلَى قوله تعالى {وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً}

قال أبو محمد: هَذِهِ الآيَةُ فِيهَا كِفَايَةٌ لِمَنْ عَقَلَ وَنَصَحَ نَفْسَهُ , لأََنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَطَعَ بِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ , وَاَلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ , وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ: لَيُغْرِيَنَّ بِهِمْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ لاَ يُجَاوِرُونَهُ فِيهَا إِلاَّ قَلِيلاً , فَأَخْبَرَ تَعَالَى أَنَّهُمْ يَكُونُونَ إنْ لَمْ يَنْتَهُوا مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلاً وَإِعْرَابُ مَلْعُونِينَ أَنَّهُ حَالٌ لِمُجَاوَرَتِهِمْ مَعْنَاهُ لاَ يُجَاوِرُونَهُ إِلاَّ قَلِيلاً مَلْعُونِينَ. وَلَوْ أَرَادَ اللَّهُ تَعَالَى غَيْرَ هَذَا لَقَالَ: مَلْعُونُونَ عَلَى خَبَرِ ابْتِدَاءٍ مُضْمَرٍ ثُمَّ أَكَّدَ تَعَالَى بِأَنَّ هَذَا هُوَ سُنَّتَهُ تَعَالَى الَّتِي لاَ تَتَبَدَّلُ. فَنَسْأَلُ مَنْ قَالَ: إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِمَهُمْ بِأَعْيَانِهِمْ وَعَلِمَ نِفَاقَهُمْ , هَلْ انْتَهَوْا أَوْ لَمْ يَنْتَهُوا فَإِنْ قَالَ: انْتَهَوْا , رَجَعَ إلَى الْحَقِّ , وَصَحَّ أَنَّهُمْ تَابُوا وَلَمْ يَعْلَمْ بَاطِنَهُمْ فِي صِحَّةِ التَّوْبَةِ أَوْ كَذِبِهَا إِلاَّ اللَّهُ تَعَالَى وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ , وَلَمْ يَعْلَمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَطُّ إِلاَّ الظَّاهِرَ الَّذِي هُوَ الإِسْلاَمُ , أَوْ كُفْرًا رَجَعُوا عَنْهُ فَأَظْهَرُوا التَّوْبَةَ مِنْهُ. وَإِنْ قَالَ: لَمْ يَنْتَهُوا , لَمْ يَبْعُدْ عَنْ الْكُفْرِ , لأََنَّهُ يَكْذِبُ اللَّهَ تَعَالَى , وَيُخْبِرُ أَنَّهُ تَعَالَى بَدَّلَ سُنَّتَهُ الَّتِي قَدْ أَخْبَرَ أَنَّهُ لاَ يُبَدِّلُهَا أَوْ بَدَّلَهَا رَسُولُهُ عليه السلام.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير