تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الاستحباب فيستحب لمن شرب قائما أن يستقيء لهذا الحديث الصحيح الصريح فإن الأمر إذا تعذر حمله على الوجوب حمل على الاستحباب وأما قول عياض لا خلاف بين أهل العلم في أن من شرب قائما ليس عليه أن يتقيأ وأشار به إلى تضعيف الحديث فلا يلتفت إلى إشارته وكون أهل العلم لم يوجبوا الاستقاءة لا يمنع من استحبابه فمن ادعى منع الاستحباب بالإجماع فهو مجازف وكيف تترك السنة الصحيحة بالتوهمات والدعاوي والترهات اه وليس في كلام عياض التعرض للاستحباب أصلا بل ونقل الاتفاق المذكور إنما هو كلام المازري كما مضى وأما تضعيف عياض للأحاديث فلم يتشاغل النووي بالجواب عنه وطريق الإنصاف أن لا تدفع حجة العالم بالصدر فأما إشارته إلى تضعيف حديث أنس بكون قتادة مدلسا وقد عنعنه فيجاب عنه بأنه صرح في نفس السند بما يقتضي سماعه له من أنس فإن فيه قلنا لأنس فالأكل وأما تضعيفه حديث أبي سعيد بأن أبا عيسى غير مشهور فهو قول سبق إليه بن المديني لأنه لم يرو عنه إلا قتادة لكن وثقه الطبري وبن حبان ومثل هذا يخرج في الشواهد ودعواه اضطرابه مردودة لأن لقتادة فيه اسنادين وهو حافظ وأما تضعيفه لحديث أبي هريرة بعمر بن حمزة فهو مختلف في توثيقه ومثله يخرج له مسلم في المتابعات وقد تابعه الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة كما أشرت إليه عند أحمد وبن حبان فالحديث بمجموع طرقه صحيح والله أعلم قال النووي وتبعه شيخنا في شرح الترمذي إن قوله فمن نسي لا مفهوم له بل يستحب ذلك للعامد أيضا بطريق الأولى وإنما خص الناسي بالذكر لكون المؤمن لا يقع ذلك منه بعد النهي غالبا الا نسيانا قلت وقد يطلق النسيان ويراد به الترك فيشمل السهو والعمد فكأنه قيل من ترك امتثال الأمر وشرب قائما فليستقيء وقال القرطبي في المفهم لم يصر أحد إلى أن النهي فيه للتحريم وان كان جاريا على أصول الظاهرية والقول به وتعقب بان بن حزم منهم جزم بالتحريم وتمسك من فتح الباري ج10/ص84

لم يقل بالتحريم بحديث على المذكور في الباب وصحح الترمذي من حديث بن عمر كنا نأكل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نمشي ونشرب ونحن قيام وفي الباب عن سعد بن أبي وقاص أخرجه الترمذي أيضا وعن عبد الله بن أنيس أخرجه الطبراني وعن أنس أخرجه البزار والأثرم وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أخرجه الترمذي وحسنه وعن عائشة أخرجه البزار وأبو علي الطوسي في الأحكام وعن أم سليم نحوه أخرجه بن شاهين وعن عبد الله بن السائب عن خباب عن أبيه عن جده أخرجه بن أبي حاتم وعن كبشة قالت دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم فشرب من قربة معلقة أخرجه الترمذي وصححه وعن كلثم نحوه أخرجه أبو موسى بسند حسن وثبت الشرب قائما عن عمر أخرجه الطبري وفي الموطأ أن عمر وعثمان وعليا كانوا يشربون قياما وكان سعد وعائشة لا يرون بذلك بأسا وثبتت الرخصة عن جماعة من التابعين وسلك العلماء في ذلك مسالك أحدها الترجيح وأن أحاديث الجواز أثبت من أحاديث النهي وهذه طريقة أبي بكر الأثرم فقال حديث أنس يعني في النهي جيد الإسناد ولكن قد جاء عنه خلافه يعني في الجواز قال ولا يلزم من كون الطريق إليه في النهي أثبت من الطريق إليه في الجواز أن لا يكون الذي يقابله أقوى لأن الثبت قد يروي من هو دونه الشيء فيرجح عليه فقد رجح نافع على سالم في بعض الأحاديث عن بن عمر وسالم مقدم على نافع في الثبت وقدم شريك على الثوري في حديثين وسفيان مقدم عليه في جملة أحاديث ثم أسند عن أبي هريرة قال لا بأس بالشرب قائما قال الأثرم فدل على أن الرواية عنه في النهي ليست ثابتة وإلا لما قال لا بأس به قال ويدل على وهاء أحاديث النهي أيضا اتفاق العلماء على أنه ليس على أحد شرب قائما أن يستقيء المسلك الثاني دعوى النسخ واليها جنح الأثرم وبن شاهين فقررا على أن أحاديث النهي على تقدير ثبوتها منسوخة بأحاديث الجواز بقرينة عمل الخلفاء الراشدين ومعظم الصحابة والتابعين بالجواز وقد عكس ذلك بن حزم فادعى نسخ أحاديث الجواز بأحاديث النهي متمسكا بأن الجواز على وفق الأصل وأحاديث النهي مقررة لحكم الشرع فمن ادعى الجواز بعد النهي فعليه البيان فإن النسخ لا يثبت بالاحتمال وأجاب بعضهم بأن أحاديث الجواز متأخرة لما وقع منه صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع كما سيأتي ذكره في هذا الباب من حديث بن عباس وإذا كان

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير