تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[بيع حق التقدم عند صندوق التنمية العقاري,,,فضيلةالشيخ خالد بن علي المشيقح]

ـ[ايوب]ــــــــ[19 - 02 - 04, 10:37 م]ـ

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:

لقد منََّّ الله _عز وجل_ على بعض بلاد المسلمين بثروات اقتصادية كبيرة، نتج عنها أن اتجه كل بلد إلى صناعة البنية التحتية للبلاد، وذلك ببناء المقار الحكومية، وتهيئة المساكن للمواطنين بمنحهم قروضاً مالية كبيرة ميسرة الوفاء، وأدت كثرة المتقدمين على طلب هذه القروض إلى تأخر صرفها، ولحاجة كثير من الناس إلى المسكن واستغناء بعض المتقدمين عن قروضهم عاوض المحتاجون إلى المساكن المتقدمين بطلب القروض عن حقهم في التقدم، فهل يسوغ ذلك ويصبح فعلهم جائزاً أم لا؟

وأقول:مما لا خلاف فيه أن الإنسان إذا باع البناء بعد حصوله على القرض وبنائه المسكن أن ذلك جائز؛ لأن الإنسان باع عيناً مادية قائمة بعينها لا دليل على المنع من بيعها.

لكن ما الحكم لو أراد بيع حق التقدم؟

هذه المسألة تحتمل قولين:

القول الأول: إن المعاوضة عن حق التقدم لصندوق التنمية العقاري قبل بناء المسكن ونزول القرض جائزة.

ويمكن أن يستدل لهم: بأن ذلك معاوضة عن حق التقدم لا عن ذات القرض، وهذه الحقوق قد جرت أعراف الناس بالمعاوضة عنها، وأصبحت لها قيمة مادية عندهم على مختلف طبقاتهم وبلدانهم، وهذه الحقوق أيضاً لها واقع ملموس في تجارات الناس، بل إنها أصبحت محل تجارات فئات منهم تعاملوا بها، وكانت سبب ثراء لهم، والمشتري لهذا الحق لم ينظر إلى المال الذي سيحصل عليه من وراء هذا الحق، وإن كان هو الدافع الأول له لشراء الحق، لكن نظره في هذه المرحلة"مرحلة شراء الحق" منصب على تمكنه من الانتظام في سلم أعداد المتقدمين والتمكن من هذا الحق، عن طريق شراء اسم المتقدم الأول.

ثم يقال: إن هذا الحق يمكن تصنيفه ضمن الحقوق غير المجردة (المتقررة)؛ لأنه يتعلق بعين مادية قائمة، وهي الأرض التي تقدم صاحب الطلب بتقديم اسمه عليها، والحقوق المقررة تجوز المعاوضة عنها إما ببيعها أو المصالحة عنه، مثل: حق أولياء المجني عليه في رقبة الجاني وغيرها من حقوق.

ثم على القول بأن هذا من الحقوق التي هي في واقعها مصالح أو اختصاصات، أباح الشارع للمكلفين الاحتفاظ بها أوعدمه، وهو أمر موكول إلى رغباتهم، وأنه يجوز حمل المكلف الذي وقعت من نصيبه على التنازل عنها بمبلغ مالي، على القول بأنها من هذا النوع فإنه تجوز المعاوضة عنها، وتكيف على أنها مصالحة عن حق بمبلغ مالي حملاً لصاحبه على التنازل عنه.

القول الثاني: إن المعاوضة عن حق التقدم لصندوق التنمية العقاري لا تجوز قبل بناء المسكن ونزول القرض، وهذا الاحتمال قد قيل به، فإليه ذهب شيخنا الشيخ/ محمد بن صالح العثيمين (1) _رحمه الله_، وبه أفتت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (2) في المملكة العربية السعودية.

ويمكن أن يستدل لأصحاب هذا القول بأدلة، منها:

أولاً: أن المعاوضة عن حق التقدم لصندوق التنمية العقاري لا تجوز؛ لأنها من المعاوضة عما لا يملك المعاوض، وبيع ما لا يملك الإنسان لا يجوز، فهي مثل المعاوضة عن حق التحجر في عدم الجواز (3).

ويناقش هذا القول: بأن المعاوضة عن حق التقدم لصندوق التنمية العقاري ليس معاوضة عن ذات القرض أو البناء الذي سيقام مستقبلاً بسبب هذا القرض، وإنما هو معاوضة عن حق الإنسان في التقدم، وبين الأمرين فرق واضح، فلو كان المقصود الأمر الأول لم تجز المعاوضة، ومما يدل على أن المعاوضة ليست عن القرض المبلغ المدفوع؛ فلو كانت معاوضة عنه لأخذ المعاوض مبلغاً أكبر.

ثانياً: أن المعاوضة عن حق التقدم لصندوق التنمية العقاري تتضمن الوقوع في ربا الفضل والنسيئة؛ ذلك أن المعاوض عن حق ا لتقدم عاوض عن القرض الذي يدفعه الصندوق بمبلغ أقل وهو ما دفعه لصاحب القرض، فمثلاً لو قدر أنه عاوض عن حق التقدم بأربعين ألفاً، فهو قد دفع أربعين ليأخذ ثلاثمائة ألف ريال عند نزول اسم صاحب القرض، وهذا وقوع في نوعي الربا.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير